يوسف ٥٣ - ٥٦
وأودعته السجن تريد الاعتذار مما كان منها إن كل نفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربى إلا نفسا رحمها الله بالعصمة كنفس يوسف إن ربى غفور رحيم استغفرت ربها واسترحمته مما ارتكبت و إنما جعل من كلام يوسف ولا دليل عليه ظاهر لان المعنى يقود إليه وقيل هذا من تقديم القرآن وتأخيره أى قوله ذلك ليعلم متصل بقوله فأسأله مابال النسوة اللاتى قطعن أيديهن وقال الملك ائتونى به أستخلصه لنفسى اجعله خالصا لنفسى فلما كلمه وشاهد منه مالم يحتسب قال الملك ليوسف إنك اليوم لدينا مكين أمين ذو مكانة ومنزلة أمين مؤتمن على كل شيء روى أن الرسول جاءه ومعه سبعون حاجبا وسبعون مركبا وبعث إليه لباس الملوك فقال أجب الملك فخرج من السجن ودعا لأهله اللهم عطف عليهم قلوب الاخيار ولا تعم عليهم الاخبار فهم أعلم الناس بالاخبار فى الواقعات وكتب على باب السجن هذه منازل البلواء وقبور الأحياء وشماته الاعداء وتجربة الأصدقاء ثم اغتسل وتنظف من درن السجن ولبس ثيابا جدد فلما دخل على الملك قال اللهم إنى أسألك بخيرك من خيره وأعوذ بعزتك وقدرتك من شره ثم سلم عليه ودعاله بالعبرانية فقال ماهذا اللسان قال لسان آبائى وكان الملك يتكلم بسبيعن لسانا فكلمه بها فأجابه بجميعها فتعجب منه وقال أيها الصديق إنى أحب أن أسمع رؤياى منك قال رأيت بقرات فوصف لونهن واحوالهن ومكان خروجهن ووصف السنابل وما كان منها على الهيئة التى رآها الملك وقال له من حقك أن تجمع الطعام فى الاهراء فيأتيك الخلق من النواحى ويمتارون منك ويجتمع لك من الكنوز ما لم يجتمع لاحد قبلك قال الملك ومن لى بهذا ومن يجمعه قال يوسف اجعلنى على خزائن الارض ولى على خزائن أرضك يعنى مصر إنى حفيظ أمين أحفظ ما تستحفظنيه عليم عالم بوجوة التصرف وصف نفسه بالامانة والكفاية وهما طلبة الملوك ممن يولونه و إنما قال ذلك ليتوصل إلى إمضاء إحكام الله وإقامة الحق وبسط العدل والتمكن مما لأجله بعث الأنبياء إلى العباد ولعلمه أن أحدا غيره لا يقوم مقامه فى ذلك فطلبه ابتغاء وجه الله لا لحب الملك والدنيا وفى الحديث رحم الله أخى يوسف لو لم يقل اجعلنى على خزائن الأرض لاستعمله من ساعته ولكنه آخر ذلك سنة قالوا وفيه دليل على أنه يجوز أن يتولى الإنسان عمالة من يد سلطان جائر وقد كان السلف يتولون القضاء من جهة الظلمة واذا علم النبي أو العالم أنه لا سبيل إلى الحكم بأمر الله ودفع الظلم إلا بتمكين الملك الكافر أو الفاسق فله أن يستظهر به وقيل كان الملك يصدر عن رأيه ولا يعترض عليه فى كل ما رأى وكان فى حكم التابع له وكذلك ومثل ذلك التمكين الظاهر مكنا ليوسف فى الأرض أرض مصر وكانت أربعين فرسخا فى أربعين والتمكين الاقدار وإعطاء المكنة يتبوأ منها حيث يشاء أى كل مكان أراد أن يتخذه منزلا لم يمنع منه لاستيلائه على جميعها ودخولها تحت سلطانه نشاء مكى نصيب