يوسف ٨٠ - ٨٤
بقتالهم وهو خير الحاكمين لأنه لا يحكم إلا بالعدل ارجعوا إلى ابيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق وقرىء سرق أي نسب إلى السرقة وما شهدنا عليه بالسرقة إلا بما علمناه من سرقته وتيقنا إذ الصواع استخرج من وعائه وما كنا للغيب حافظين وما علمنا انه سيسرق حين اعطيناك الموثق واسأل القرية التى كنا فيها يعنى مصر اي أرسل إلى أهلها فاسألهم عن كنه القصة والعير التي أقبلنا فيها واصحاب العير وكانوا قوما من كنعان من جيران يعقوب عليه السلام وإنا لصادقون في قولنا فرجعوا إلى ابيهم وقالوا له ما قال لهم أخوهم قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا أردتموه وإلا فمن أدرى ذلك الرجل أن السارق يسترق لو لا فتواكم وتعليمكم فصبر جميل عسى الله أن يأتينى بهم جميعا بيوسف وأخيه وكبيرهم انه هو العليم بحالى في الحزن والأسف الحكيم الذي لم يبتلنى بذلك إلا لحكمة وتولى عنهم واعرض عنهم كراهة لما جاءوا به وقال يا أسفا على يوسف أضاف الأسف وهو أشد الحزن والحسرة إلى نفسه والألف بدل من ياء الإضافة والتجانس بين الأسف ويوسف غير متكلف ونحوه اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم وهم ينهون عنه وينأون عنه وتحسبون انهم يحسنون صنعا من سبأ بنبأ وإنما تأسف على يوسف دون أخيه وكبيرهم لتمادى أسفه على يوسف دون الآخرين وفيه دليل على أن الرزء فيه مع تقادم عهده كان غضا عنده طريا وابيضت عيناه إذ أكثر الاستعبار ومحقت العبرة سواد العين وقلبته لى بياض كدر وقيل قد عمى بصره وقيل يدرك إدراكا ضعيفا من الحزن لأن الحزن سبب البكاء الذي حدث منه البياض فكأنه حدث من الحزن قيل ما جفت عينا يعقوب من وقت فراق يوسف إلى حين لقائه ثمانين عاما وما على وجه الأرض أكرم على الله من يعقوب ويجوز للنبي عليه السلام أن يبلغ به الجزع ذلك المبلغ لأن الإنسان مجبول على ان لا يملك نفسه عند الحزن فلذلك حمد صبره ولقد بكى رسول الله صلى الله عليه و سلم على ولده ابراهيم وقال القلب يجزع والعين تدمع ولا نقول ما يسخط الرب وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون وإنما المذموم الصياح والنياحة ولطم الصدور والوجوه وتمزيق الثياب فهو كظيم مملوء من الغيظ على


الصفحة التالية
Icon