يوسف ١٠٠ - ١٠٢
لما يشاء أي لطيف التدبير انه هو العليم الحكيم بتأخير الآمال الى الآجال أو حكم بالائتلاف بعد الاختلاف ربى قد آتيتنى من الملك ملك مصر وعلمتنى من تأويل الأحاديث تفسير كتب الله أو تعبير الرؤيا ومن فيهما للتبعيض إذ لم يؤت إلا بعض ملك الدنيا وبعض التأويل فاطر السموات والارض انتصابه على النداء أنت ولي في الدنيا والآخرة أنت الذي تتولانى بالنعمة في الدارين وبوصل الملك الفاني بالملك الباقي توفنى مسلما طلب الوفاة على حال الإسلام كقول يعقوب لولده ولا تموتن الا وأنتم مسلمون وعن الضحاك مخلصا وعن التسترى مسلما إليك أمرى وفي عصمة الأنبياء انما دعا به يوسف ليقتدى به قومه ومن بعده ممن ليس بمأمون العاقبة لأن ظواهر الأنبياء لنظر الأمم إليهم والحقنى بالصالحين من آبائى أو على العموم وروى أن يوسف أخذ بيد يعقوب فطاف به في خزائنه فأدخله خزائن الذهب والفضة وخزائن الثياب وخزائن السلاح حتى أدخله خزانة القراطيس قال يا بنى ما اعقك عندك هذه القراطيس وما كتبت الى على ثمان مراحل فقال امرنى جبريل قال أوما تسأله قال أنت ابسط إليه منى فاسأله فقال جبريل الله امرنى بذلك لقولك واخاف أن يأكله الذئب فهلا خفتنى وروى ان يعقوب أقام معه أربعا وعشرين سنة ثم مات وأوصى ان يدفنه بالشام الى جنب ابيه اسحاق فمضى بنفسه ودفنه ثمة ثم عاد إلى مصر وعاش بعد أبيه ثلاثة وعشرين سنة فلما تم أمره طلبت نفسه الملك الدائم فتمنى الموت وقيل ما تمناه نبي قبله ولا بعد فتوفاه الله طيبا طاهرا فتخاصم أهل مصر وتشاحنوا في دفنه كل يحب ان يدفن في محلتهم حتى هموا بالقتال فرأوا ان يعملوا له صندوقا من مرمر وجعلوه فيه ودفنوه في النيل بمكان يمر عليه الماء ثم يصل إلى مصر ليكونوا كلهم فيه شرعا حتى نقل موسى عليه السلام بعد اربعمائة سنة تابوته الى بيت المقدس وولدا له افراثيم وميشا وولد لافراثيم نون ولنون يوشع فتى موسى ولقد توارثت الفراعنة من العماليق بعده مصر ولم تزل بنو اسرائيل تحت أيديهم على بقايا دين يوسف وآبائه ذلك إشارة الى ما سبق من نبأ يوسف والخطاب لرسول الله صلى الله عليه و سلم وهو مبتدأ من أنباء الغيب نوحيه إليك خبران وما كنت لديهم لدى بنى يعقوب إذ اجمعوا أمرهم عزموا على ما هموا به من القاء يوسف في البئر وهم يمكرون بيوسف ويبغون له الغوائل والمعنى أن هذا النبأ غيب لم يحصل لك إلا من جهة الوحى لأنك لم تحضر بنى يعقوب حين اتفقوا على القاء اخيهم في البئر وما


الصفحة التالية
Icon