الحجر ٢ - ٦
وأي قرآن مبين كأنه قيل الكتاب الجامع للكمال وللغرابة في البيان ربما بالتخفيف مدنى وعاصم وبالتشديد غيرهما وما هي الكافة لأنها حرف يجر ما بعده ويختص بالاسم النكرة فاذا كفت وقع بعدها الفعل الماضي والاسم وانما جاز يود الذين كفروا لأن المترقب في اخبار الله تعالى بمنزلة الماضي المقطوع به في تحقيقه فكانه قيل ربما ود وودادتهم تكون عند النزاع أو يوم القيامة إذا عاينوا حالهم وحال المسلمين أو إذا رأوا المسلمين يخرجون من النار فيتمنى الكافر لو كان مسلما كذا روى عن ابن عباس رضي الله عنهما لو كانوا مسلمين حكاية ودادتهم وإنما جىء بها على لفظ الغيبة لأنهم مخبر عنهم كقولك حلف بالله ليفعلن ولو قيل حلف لأفعلن ولو كنا مسلمين لكان حسنا وإنما قلل برب لأن أهوال القيامة تشغلهم على التمنى فاذا أفاقوا من سكرات العذاب ودوا لو كانوا مسلمين وقول من قال ان رب يعنى بها الكثرة سهو لأنه ضد ما يعرفه أهل اللغة لأنها وضعت للتقليل ذرهم أمر أهانة أي اقطع طمعك من ارعوائهم ودعهم عن النهى عما هم عليه والصد عنه بالتذكرة والنصيحة وخلهم يأكلوا ويتمتعوا بدنياهم ويلههم الأمل ويشغلهم أملهم وأمانيهم عن الايمان فسوف يعلمون سوء صنيعهم وفيه تنبيه على أن ايثار التلذذ والتنعم وما يؤدى اليه طول الأمل ليس من أخلاق المؤمنين وما أهلكنا من قرية الا ولها كتاب معلوم ولها كتاب جملة واقعة صفة لقرية والقياس ان لا يتوسط الواو بينهما كما في وما اهلكنا من قرية إلا لها منذرون وإنما توسطت لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف إذ الصفة ملتصقة بالموصوف بلا واو وفجىء بالواو تأكيدا لذلك والوجه أن تكون هذه الجملة حالا لقرية لكونها في حكم الموصوفة كانه قيل وما أهلكنا قرية من القرى لا وصفا وقوله كتاب معلوم أي مكتوب معلوم وهو أجلها الذي كتب في اللوح المحفوظ وبين ألا ترى إلى قوله ما تسبق من امة أجلها في موضع كتابها وما يستأخرون اي عنه وحذف لأنه معلوم وأنث الأمة أولا ثم ذكرها آخرا حملا على اللفظ والمعنى قالوا أي الكفار يا أيها الذي نزل عليه الذكر أي القرآن إنك لمجنون يعنون محمدا عليه السلام وكان هذا النداء منهم على وجه الاستهزاء كما قال فرعون ان رسولكم الذي ارسل اليكم لمجنون وكيف يقرون بنزول الذكر عليه وينسبونه إلى الجنون والتعكيس في كلامهم للاستهزاء والتهكم سائغ ومنه فبشرهم بعذاب أليم إنك لأنت الحليم الرشيد والمعنى انك