الحجر ٢٩ - ٣٩
خلقته وهيأتها لنفخ الروح فيها ونفخت فيه من روحى وجعلت فيه الروح وأحييته وليس ثمت نفخ وإنما هو تمثيل والاضافة للتخصيص فقعوا له ساجدين هو أمر من وقع يقع أي اسقطوا على الأرض يعنى اسجدوا له ودخل الفاء لأنه جواب إذا وهو دليل على أنه يجوز تقدم الأمر عن وقت الفعل فسجد الملائكة كلهم أجمعون فالملائكة جمع عام محتمل للتخصيص فقطع باب التخصيص بقوله كلهم وذكر الكل احتمل تأويل التفرق فقطعه بقوله أجمعون الا ابليس ظاهر الاستثناء يدل على أنه كان من الملائكة لأن المستثنى يكون من جنس المستثنى منه وعن الحسن أن الاستثناء منقطع ولم يكن هو من الملائكة قلنا غير المأمور لا يصير بالترك ملعونا وقال في الكشاف كان بينهم مأمورا معهم بالسجود فغلب اسم الملائكة ثم استثنى بعد التغليب كقولك رأيتهم الا هندا أبى أن يكون مع الساجدين امتنع أن يكون معهم وأبى استئناف على تقدير قول قائل يقول هلا سجد فقيل أبى ذلك واستكبر عنه وقيل معناه ولكن ابليس أبى قال يا ابليس مالك ألا تكون مع الساجدين حرف الجر مع أن محذوف تقديره مالك في أن لا تكون مع الساجدين أي أي غرض لك في ابائك السجود قال لم أكن لأسجد اللام لتأكيد النفي أي اى لا يصح منى أن أسجد لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون قال فاخرج منها من السماء أو من الجنة أو من جملة الملائكة فانك رجيم مطرود من رحمة الله معناه ملعون لأن اللعنة هو الطرد من الرحمة والابعاد منها وإن عليك اللعنة الى يوم الدين ضرب يوم الدين حد اللعنة لأنه أبعد غاية يضربها الناس في كلامهم والمراد به أنك مذموم مدعو عليك باللعنة في السموات والأرض إلى يوم الدين من غير أن تعذب فإذا جاء ذلك اليوم عذبت بما ينسى اللعن معه قال رب فأنظرنى فأخرنى إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم يوم الدين ويوم يبعثون ويوم الوقت المعلوم في معنى واحد ولكن خولف بين العبارات سلوكا بالكلام طريقة البلاغة وقيل إنما سأل الأنظار إلى اليوم الذي فيه يبعثون لئلا يموت لأنه لا يموت يوم البعث أحد فلم يجب إلى ذلك وأنظر إلى آخر أيام التكليف قال رب بما أغويتني الباء للقسم وما مصدرية وجواب القسم لازينن لهم ومعنى أقسم باغوائك إياي لازينن لهم المعاصى ونحوه قوله بما أغويتني