الإسراء ٨٣ - ٨٦
اعرض عن ذكر الله أو أنعمنا بالقرآن أعرض ونأى بجانبه تأكيد للاعراض لأن الاعراض عن الشيء أن يوليه عرض وجهه والنأي بالجانب أن يلوى عنه عطفه ويوليه ظهره أو أراد الاستكبار لأن ذلك من عادة المستكبرين نأي بالإمالة حمزة وبكسرها على وإذا مسه الشر الفقر والمرض أو نازلة من النوازل كان يؤسا شديد اليأس من روح الله قل كل أي كل أحد يعمل على شاكلته على مذهبه وطريقته التي تشاكل حاله في الهدى والضلال فربكم اعلم بمن هو أهدى سبيلا أسد مذهبا وطريقة ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربى أي من أمر يعلمه ربى الجمهور على أنه الروح الذي في الحيوان سألوه عن حقيقته فأخبر أنه من مر الله أي مما استأثر بعلمه وعن أبي هريرة لقد مضى النبي صلى الله عليه و سلم وما يعلم الروح وقد عجزت الأوائل عن إدراك ما هيته بعد انفاق الأعمار الطويلة على الخوض فيه والحكمة في ذلك تعجيز العقل عن ادراك معرفة مخلوق مجاور له ليدل على أنه عن ادراك خالقه اعجز ولذا رد ما قيل في حده أنه جسم دقيق هوائي في كل جزء من الحيوان وقيل هو خلق عظيم روحانى أعظم من الملك وعن ابن عباس رضي الله عنهما هو جبريل عليه السلام نزل به الروح الأمين على قلبك وعن الحسن القرآن دليله وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ولأن به حياة القلوب ومن أمر ربى أي من وحيه وكلامه ليس من كلام البشر وروى أن اليهود بعثت إلى قريش أن سلوه عن اصحاب الكهف وعن ذي القرنين وعن الروح فإن أجاب عن الكل أوسكت عن الكل فليس بنبى وإن أجاب عن بعض وسكت عن بعض فهو نبى فبين لهم القصتين وابهم أمر الروح وهو مبهم في التوارة فندموا على سؤالهم وقيل كان السؤال عن خلق الروح يعنى أهو مخلوق أم لا وقوله من أمر ربى دليل خلق الروح فكان هذا جوابا وما أوتيتم من العلم إلا قليلا الخطاب عام فقد روى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لما قال لهم ذلك قالوا نحن مختصون بهذا الخطاب أم انت معنا فيه فقال بل نحن وأنتم لم نؤت من العلم إلا قليلا وقيل هو خطاب لليهود خاصة لأنهم قالوا للنبي صلى الله عليه و سلم قد أوتينا التوارة وفيها الحكمة وقد تلوت ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا فقيل لهم ان علم التوارة قليل في جنب علم الله فالقلة والكثرة من الأمور الإضافية فالحكمة التي أوتيها العبد خير كثير في نفسها إلا أنها إذا أضيفت الى علم الله تعالى فهى قليلة ثم نبه على نعمة الوحى وعزاء بالصبر على أذى الجدال في السؤال بقوله ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك


الصفحة التالية
Icon