التوبة ٤٣ - ٤٧
وهو من لطف العتاب بتصدير العفو فى الخطاب وفيه دلالة فضله على سائر الأنبياء عليهم السلام حيث لم يذكر مثله لسائر الأنبياء عليهم السلام لم أذنت لهم بيان لما كنى عنه بالعفو ومعناه مالك أذنت لهم فى القعود عن الغزو حين استأذنوك واعتلوا لك بعللهم وهلا استأنيت بالإذن حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين يتبين لك الصادق فى العذر من الكاذب فيه وقيل شيئان فعلهما رسول الله صلى الله عليه و سلم ولم يؤمر بهما إذنه للمنافقين وأخذه الفدية من الأسارى فعاتبه الله وفيه دليل جواز الاجتهاد للأنبياء عليهم السلام لأنه عليه السلام إنما فعل ذلك بالاجتهاد و إنما عوتب مع أن له ذلك لتركه الأضفل وهم يعاتبون على ترك الأفضل لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا ليس من عادة المؤمنين أن يسستأذوك فى أن يجاهدوا بأموالهم وانفسهم والله عليم بالمتقين عدة لهم بأجزل الثواب إنما يستأدنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر يعنى المنافقين وكانوا تسعة وثلاثين رجلا وارتابت قلوبهم شكوا فى دينهم واضطربوا فى عقيدتهم فهم فى ريبهم يترددون يتحيرون لأن التردد ديدن المتحير كما أن الثبات ديدن المستبصر ولو أرادوا الخروج لأعدوا له للخروج أو للجهاد عدة اهبة لأنهم كانوا مياسير للغزو ولما كان ولو أرادوا الخروج معطيا معنى نفي خروجهم واستعدادهم قيل ولكن كره الله انبعاثهم نهوضهم للخروج كأنه قيل ما خرجوا ولكن تثبطوا عن الخروج لكراهة انبعاثهم فثبطهم فكسلهم وضعف رغبتهم فى الانبعاث والتثبيط التوقيف عن الامر بالتزهيد فيه وقيل اقعدوا أى قال بعضهم لبعض أو قاله الرسول عليه السلام غضبا عليهم أو قاله الشيطان بالوسوسة مع القاعدين هو ذم لهم وإلحاق بالنساء والصبيان والزمنى الذين شانهم القعود فى البيوت لو خرجوا فيكم مازادوكم بخروجهم معكم إلا خبالا إلا فسادا وشرا والاستثناء متصل لأن المعنى مازادوكم شيئا إلا خبالا والاستثناء المنقطع أن يكون المستثنى من غير جنس المستثنى منه كقولك مازادوكم خيرا إلا خبالا والمستثنى منه فى هذا الكلام غير مذكور و إذا لم يذكر وقع الاستثناء من الشيء فكان استثناء متصلا لأن الخبال بعضه ولأوضعوا


الصفحة التالية
Icon