النور ٣ - ٢
فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذ كم بهما رأفة فى دين الله
جلدهما أو الخبر فاجلدوا ودخلت الفاءلكون الألف واللام بمعنى الذى وتضمينه معنى الشرط وتقديره التى زنت والذى زنى فاجلدوهما كما تقول من زنى فاجلدوه وكقوله والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهما وقرأ عيسى بن عمر بالنصب على إضمار فعل يفسره الظاهر وهو أحسن من سورة أنزلناها لأجل الأمر فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة الجلد ضرب الجلد وفيه إشارة إلى أنه يبالغ ليصح الألم إلى اللحم والخطاب للأئمة لأن إقامة الحد من الدين وهى على الكل إلا أنهم لا يمكنهم الإجتماع فينوب الإمام منابهم وهذا حكم حر ليس بمحصن إذ حكم المحصن الرجم وشرائط احصان الرجم الحرية والعقل والبلوغ والإسلام والتزوج بنكاح صحيح والدخول وهذا دليل على أن التغريب غير مشروع لأن الفاء إنما يدخل على الجزاء وهو إسم الكافى والتغريب المروى منسوخ بالآية كما نسخ الحبس والأذى فى قوله فأمسكوهن فى البيوت وقوله فآذوهما بهذه الآية ولا تاخذكم بهما رأفة أى رحمة والفتح لغة وهى قراءة مكى وقيل الرأفة فى دفع المكروه والرحمة فى إيصال المحبوب والمعنى أن الواجب على المؤمنين أن يتصلبوا فى دين الله ولا يأخذهم اللين فى استيفاء حدوده فيعطلوا الحدود أو يخلفوا الضرب فى دين الله أى فى طاعة الله أو حكمه ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر من باب التهيج وإلهاب الغضب لله ولدينه وجواب الشرط مضمر أى فاجلدوا ولا تعطلوا الحد وليشهد عذابهما وليحضر موضع حدهما وتسمية عذابا دليل على أنه عقوبة طائفة فرقة يمكن أن تكون حلقة ليعتبروا وينزجر هو وأقلها ثلاثة أو أربعة وهى صفة غالبة كانها الجماعة الحافة حول شئ وعن ابن عباس رضى الله عنهما أربعة إلى أربعين رجلا من المؤمنين من المصدقين بالله الزانى لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك أى الخبيث الذى من شأنه الزنا لا يرغب فى نكاح الصوالح من النساء وإنما يرغب فى خبيثة من شكله أو فى مشركة والخبيثة المسافحة كذلك لا يرغب فى نكاحها الصلحاء من الرجال وإنما يرغب فيها من هو من شكلها من الفسقة أوالمشركين فالآية تزهيد فى نكاح البغايا إذ الزنا عديل الشرك فى القبح والإيمان قرين العفاف والتحصن وهو نظير قوله الخبيثات للخبيثين وقيل كان نكاح الزانية محرما فى أول الإسلام ثم نسخ بقوله وانكحوا الأيامى منكم وقيل المراد بالنكاح الوطء لأن غير الزانى يستقذر الزانية ولا يشتهيها وهو صحيح لكنه يؤدى إلى قولك الزانى لا يزنى إلا بزانية والزانية لا يزنى بها إلا زان وسئل صلى الله عليه و سلم عمن زنى بامرأة ثم تزوجها فقال أوله سفاح وآخره نكاح ومعنى الجملة صفة الزانى بكونه غير راغب فى العفائف