النور ١٦ - ١٢
وقالوا هذا إنك مبين لولا جاءو عليه بأربعة
ولم يقل ظننتم بأنفسكم خيرا وقلتم ليبالغ فى التوبيخ بطريق الالتفات وليدل التصريح بلفظ الإيمان على أن الاشراك فيه يقتضى أن لا يصدق مؤمن على أخيه ولا مؤمنة على أختها قول عائب ولا طاعن وهذا من الأدب الحسن الذى قل القائم به الحافظ له وليتك تجد من يسمع فيسكت ولا يشيع ما سمعه باخوانه وقالوا هذا افك مبين كذب ظاهر لا يليق بهما لولا جاءو عليه بأربعة شهداء هلا جاؤا على القذف لو كانوا صادقين بأربعة شهداء فاذلم يأتوا بالشهداء الأربعة فأولئك عندالله أى فى حكمه وشريعته هم الكاذبون أى القاذقون لأن الله تعالى جعل التفصلة بين الرمى الصادق والكاذب ثبوت شهادة الشهود الاربعة وانتفاؤها والذين رموا عائشة رضى الله عنها لم يكن لهم بينة على قولهم فكانوا كاذبين ولولا فضل الله عليكم ورحمته فى الدنيا والآخرة لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم لولا هذه لامتناع الشئ لوجود غيره بخلاف ما تقدم أى ولولا أنى قضيت أن اتفضل عليكم فى الدنيا بضروب النعم التى من جملتها الامهال للتوبة وأن اترحم عليكم فى الآخرة فى العفو والمغفرة لعاجلتكم بالعقاب على ما خضتم فيه من حديث الافك يقال تلقى القول وتلقنه وتلقفه بالسنتكم أى أن بعضكم كان يقول لبعض هل بلغك حديث عائشة حتى شاع فيما بينهم وانتشر فلم يبق بيت ولا ناد الاطار فيه وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم إنما قيد بالافواه مع أنا القول لا يكون إلا بالفم لأن الشئ المعلوم يكون علمه فى القلب ثم يترجم عنه اللسان وهذا الافك ليس إلا قولا يدور فى أفواهكم من غير ترجمة عن علم به فى القلب كقوله يقولون بأفواههم ماليس فى قلوبهم وتحسبونه أى خوضكم فى عائشة رضى الله عنها هينا صغيرة وهو عند الله عظيم كبيرة جزع بعضهم عند الموت فقيل له فى ذلك فقال أخاف ذنبا لم يكن منى على بال وهو عند الله عظيم ولولا وهلا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا فصل بين لولا وقلتم الظرف لأن للظروف شأنا وهو تنزلها من الأشياء منزلة انفسها لوقوعها فيها وأنها لا تنفك عنها فلذا يتسع فيها ما لا يتسع فى غيرها وفائدة تقديم الظرف أنه كان الواجب عليهم أن يتفادوا أول ما سمعوا بالافك عن التكلم به فلما كان ذكر الوقت أهم قدم والمعنى


الصفحة التالية
Icon