الفرقان ٢٧ - ٢٣
عمل فجعلناه هباء منثورا هو صفة ولا قدوم هنا ولكن مثلت حال هؤلاء وأعمالهم التى عملوها فى كفرهم من صلة رحم واغاثة ملهوف وقرى ضيف ونحو ذلك بحال من خالف سلطانه وعصاه فقدم إلى أشيائه وقصد إلى ما تحت يديه فافسدها ومزقها كل ممزق ولم يترك لها أثر او الهباء ما يخرج من الكوة مغ ضوء الشمس شبيها بالغار والمنثور المفرق وهو استعارة عن جعله بحيث لا يقبل الاجتماع ولا يقع به الانتفاع ثم بين فضل أهل الجنة على اهل النار فقال أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا تمييز المستقر المكان الذى يكونون فيه فى أكثر أوقاتهم يتجالسون ويتحادثون وأحسن مقيلا مكانا يأوون اليه للاسترواح إلى أزواجهم ولا نوم فى الجنة ولكنه سمى مكان استراحتهم إلى الحور مقيلا على طريق التشبيه وروى أنه يفرغ من الحساب فى نصف ذلك اليوم فيقيل أهل الجنة فى الجنة وأهل النار فى النار وفى لفظ الا حسن تهكم بهم ويوم واذكر يوم تشقق السماء والأصل تتشقق فحذف التاء كوفى وأبو عمرو وغيرهم أدغمها فى الشين بالغمام لما كان انشقاق السماء بسبب طلوع الغمام منها جعل الغمام كانه الذى تشقق به السماء كما تقول شققت السنام بالشفرة فانشق بها ونزل الملائكة تنزيلا ونزل الملائكة مكى وتنزيلا على هذا مصدر من غير لفظ العقل والمعنى أن السماء تنفتح بغمام أبيض يخرج منها وفى الغمام الملائكة ينزلون فى أيديهم صحائف أعمالهم العباد الملك مبتدأ يومئذ ظرفه الحق نعته ومعناه الثابت لان كل ملك يزول يومئذ فلا يبقى الا ملكه للرحمن خبره وكان ذلك اليوم يوما على الكافرين عسيرا شديدا يقال عسر عليه فهو عسير وعسر ويفهم منه يسره على المؤمنين ففى الحديث يهون يوم القيامة على المؤمنين حتى يكون عليهم أخف من صلاة مكتوبة صلوها فى الدنيا ويوم يعض الظالم على يديه عض اليدين كناية عن الغيظ والحسرة لانه من روادفها فتذكر الرادفة ويدل بها على المردوف فيرتفع الكلام به فى طبقة الفصاحة ويجد السامع عنده فى نفسه من الروعة مالا يجده عند لفظ المكنى عنه واللام فى الظالم للعهد وأريد به عقبة لما تبين أو للجنس فيتناول عقبة وغيره من الكفار يقول يا ليتنى اتخدت فى الدنيا مع الرسول محمد عليه الصلاة و السلام سبيلا طريقا إلى النجاى والجنة وهو الايمان يا ويلتا وقرئ يا ويلتى بالياء وهو الأصل لان الرجل ينادى ويلته وهى هلكته يقول لها تعالى


الصفحة التالية
Icon