الفرقان ٤٨ - ٤٥
ذكر الاكثر لأن فيهم من لم يصده عن الإسلام إلا حب الرياسة وكفى به داء عضالا ولأن فيهم من آمن ألم تر إلى ربك ألم تنظر إلى صنع ربك وقدرته كيف مد الظل أى بسطه فعم الأرض وذلك من حين طلوع الفجر إلى وقت طلوع الشمس فى قول الجمهور لأنه ظل ممدود لا شمس معه ولا ظلمة وهو كما قال فى ظل الجنة وظل ممدود لا شمس معه ولا ظلمة ولو شاء لجعله ساكنا أى دائما لا يزول ولا نذهبه الشمس ثم جعلنا الشمس عليه على الظل دليلا لأنه بالشمس يعرف الظل ولولا الشمس لما عرف الظل فالأشياء تعرف باضدادها ثم قبضناه أن أخذنا ذلك الظل الممدود الينا إلى حيث أردنا قبضا يسيرا سهلا غير عسير أو قليلا قليلا أى جزأ فجزأ بالشمس التى تأتى عليه وجاء بثم لتفاضل ما بين الحوادث فى الوقت وهو الذى جعل لكم الليل لباسا جعل الظلام الساتر كاللباس والنوم سباتا راحة لأبدانكم وقطعا لأعمالكم والسبت القطع والنائم مسبوت لأنه انقطع عمله وحركته وقيل السبات الموت المسبوت الميت لأنه مقطوع الحياة وهو كقوله تعالى وهو الذى يتوفاكم بالليل ويعضده ذكر النشور فى مقابلته وجعل النهار نشورا إذا لنشور انبعاث من النوم كنشور الميت أى ينشر فيه الخلق للمعاش وهذه الآية مع دلالتها على قدرة الخالق فيها اظهار لنعمته والحياة عبرة لمن اعتبر وقال لقمان لابنه كما تنام فتوعظ كذلك تموت فتنشر وهو الذى أرسل الرياح الريح مكى والمراد الجنس بشرا تخفيف بشر جمع بشور بين يدى رحمته أى قدام المطر لأنه ريح ثم سحاب ثم مطر وهذه استعارة ملحية وأنزلنا من السماء ماء مطر طهورا بليغا فى طهارته والطهور صفة كقولك ماء طهور أى طاهر واسم كقولك لما يتطهر به طهور كالوضوء والوقود لما يتوضأ به وتوقد به النار ومصدر بمعنى التطهر كقولك تطهرت طهورا حسنا ومنه قوله عليه الصلاة و السلام إلا بطهور أى بطهارة وما حكى عن ثعلب هو ما كان طاهرا فى نفسه مطهرا لغيره وهو مذهب الشافعى رحمه الله تعالى ان كان هذا زيادة بيان الطهارة فحسن ويعضده قوله تعالى وينزل عليكم من السماء ليطهركم به و إلا فليس فعول من التفعيل فى شئ وقياسه على ما هو مشتق من الافعال المعتدية كقطوع ومنوع غير سديد لأن بناء