الشعراء ٣٠ - ٢٥
هذه الأشياء دليلا أو ان يرجى منكم الايقان الذى يؤدى اليه النظر الصحيح نفعكم هذا الجواب والالم ينفع والايقان العلم الذى يستفاد بالاستدلال ولذا لا يقال الله موقن قال أى فرعون لمن حوله من أشراف قومه وهم خمسمائة رجل عليهم الاساور وكانت للملوك خاصة ألا تستمعون معجبا قومه من جوابه لأنهم يزعمون قدمهما وينكرون حدوثهما وان لهما ربا فاحتاج موسى إلى أن يستدل بما شاهدوا حدوثه وفناءه فاستدل حيث قال ربكم رب آبائكم الأولين أى هو خالقكم وخالق آبائكم فان لم تستدلوا بغيركم فبأنفسكم وانما قال رب آبائكم لأن فرعون كان يدعى الربوبية على أهل عصره دون من تقدمهم قال أى فرعون ان رسولكم الذى ارسل اليكم لمجنون حيث يزعم ان فى الوجود إلها غيرى وكان فرعون ينكر إلهية غيره قال رب المشرق والمغرب وما بينهما ان كنتم تعقلون فتستدلون بما أقول فتعرفون ربكم وهذا غاية الارشاد حيث عمم أولا بخلق السموات والأرض وما بينهما ثم خصص من العام البيان أنفسهم وآباءهم لأن أقرب المنظور فيه من العاقل نفسه ومن ولد منه وما شاهد من أحواله من وقت ميلاده إلى وقت وفاته ثم خصص المشرق والمغرب لأن طلوع الشمس من أحد الخافقين وغروبها فى الآخر على تقدير مستقيم فى فصول السنة وحساب مستومن أظهر ما استدل به ولظهوره انتقل إلى الاحتجاج به خليل الرحمن عن الاحتجاج بالاحياء والاماتة على نمرودين كنعان وقيل سأله فرعون عن الماهية جاهلا عن حقيقة سؤاله فلما أجاب موسى بحقيقة الجواب وقع عنده أن موسى حاد عن الجواب حيث سأله عن الماهية وهو يجيب عن ربوبيته وآثار صنعه فقال معجبا لهم من جواب موسى ألا تستمعون فعاد موسى إلى مثل قوله الأول فجننه فرعون زاعما أنه حائد عن الجواب فعاد ثالثا إلى مثل كلامه الأول مبينا أن الفرد الحقيقى إنما يعرف بالصفات وأن السؤال عن الماهية محال واليه الاشارة فى قوله تعالى ان كنتم تعقلون أى ان كان لكم عقل علمكم أنه لا تمكن معرفته إلا بهذا الطريق فلما تحير فرعون ولم يتهيأ له أن يدفع ظهور آثار صنعه قال لئن اتخذت إلها غيرى أى غيرى إلها لأجعلنك من المسجونين أى لأجعلنك واحدا ممن عرفت حالهم فى سجونى وكان من عادته أن يأخذ من يريد سجنه فيطرحه فى هوة ذاهبة فى الأرض بعيدة العمق فردا لا يبصر فيها ولا يسمع فكان ذلك أشد من القتل ولو قيل لاسجننك لم يؤد هذا المعنى وان كان أخصر قال أولو جئتك الواو للحال دخلت عليها همزة الاستفهام أى أتفعل


الصفحة التالية
Icon