الشعراء ١٠١ - ٩٠
حيث أرشدهم إلى الدين وعلمهم الشرائع ويجوز على هذا إلا من أتى الله بقلب سليم من فتنة المال والبنين وقد صوب الجليل استثناء الخليل اكراما له ثم جعله صفة له فى قوله وأن من شيعته لابراهيم إذ جاء ربه بقلب سليم وما أحسن ما رتب عليه السلامة من كلامه مع المشركين حيث سألهم أولا عما يعبدون سؤال مقرر لا مستفهم ثم أقبل على آلهتهم فابطل امرها بأنها لا تضر ولا تنفع ولا تسمع وعلى تقليدهم آباءهم الاقدمين فاخرجه من أن يكون شبهة فضلا عن أن يكون حجة ثم صور المسألة فى نفسه دونهم حتى تخلص منها إلى ذكر الله تعالى فعظم شأنه وعدد نعمته من حين إنشائه إلى وقت وفاته مع ما يرجى فى الآخرة من رحمته ثم اتبع ذلك أن دعا بدعوات المخلصين وابتهل اليه ابتهال الأدب ثم وصله بذكر يوم القيامة وثواب الله وعقابه وما يدفع اليه المشركون يومئذ من الندم والحسرة على ما كانوا فيه من الضلال وتمنى الكرة إلى الدنيا ليؤمنوا ويطيعوا وازلفت الجنة للمتقين أي قربت عطف جملة على جملة أي تزلف من موقف السعداء فينظرون اليها وبرزت الجحيم أي أظهرت حتى يكاد يأخذهم لهبها للغاوين للكافرين وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون يوبخون على اشراكهم فيقال لهم أين آلهتكم هل ينفعونكم بنصرتهم لكم أو هل ينفعون أنفسهم بانتصارهم لأنهم وآلهتهم وقود النار فكبكبوا انكسوا وطرح بعضهم بعض فيها فى الجحيم هم أي الآلهة والغاوون وعبدتهم الذين برزت لهم والكبكبة تكرير الكب جعل التكرير في اللفظ دليلا على التكرير في المعنى كانه إذا ألقى في جهنم ينكب مرة أثر مرة حتى يستقر فى قعرها نعوذ بالله منها وجنود إبليس أجمعون شياطينه أو متبعوه من عصاة الإنس والجن قالوا وهم فيها يختصمون يجوز أن ينطق الله الأصنام حتى يصح التقاول والتخاصم ويجوز أن يجرى ذلك بين العصاة والشياطين تالله إن كنا لفى ضلال مبين إذ نسويكم نعدلكم أيها الاصنام برب العالمين فى العبادة وما أضلنا إلا المجرمون أى رؤساؤهم الذين أضلوهم أو إبليس وجنوده ومن سن الشرك فما لنا من شافعين كما للمؤمنين من الأنبياء والأولياء والملائكة ولا صديق حميم كما نرى لهم أصدقاء إذ لا يتصادق فى الآخرة إلا المؤمنون وأما أهل النار فبينهم التعادى الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين أو فما لنا من شافعين


الصفحة التالية
Icon