الشعراء ٢٠٨ - ٢٠٠
سلكناه أى أدخلنا التكذيب أو الكفر وهو مدلول قوله ما كانوا به مؤمنين فى قلوب المجرمين الكافرين الذين علمنا منهم اختيار الكفر والاصرار عليه يعنى مثل هذا السلك سلكناه فى قلوبهم وقررناه فيها فكيفما فعل بهم وعلى أى وجه دبر أمرهم فلا سبيل إلى أن يتغيروا عما هم عليه من الكفر به والتكذيب له كما قال ولو نزلنا عليك كتابا فى قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا ان هذا الا سحر مبين وهو حجتنا على المغتزلة فى خلق أفعال العباد خيرها وشرها وموقع قوله لا يؤمنون به بالقرآن من قوله سلكناه في قلوب المجرمين موقع الموضح والملخص لأنه مسوق لثبات كونه مكذبا مجحودا فى قلوبهم فاتبع ما يقرر هذا المعنى من أنهم لا يزالون على التكذيب به وجحوده حتى يعاينوا الوعيد ويجوز أن يكون حالا أى سلكناه فيها غير مؤمن به حتى يروا العذاب الاليم المراد معاينة العذاب عند الموت ويكون ذلك ايمان يأس فلا ينفعهم فيأتيهم بغتة فجأة وهم لا يشعرون باتيانه فيقولوا وفيأتيهم معطوفان على يروا هل نحن منظرون يسألون النظرة والامهال طرفة عين فلا يجابون إليها أفبعذابنا يستعجلون توبيخ لهم وانكار عليهم قولهم فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ونحو ذلك قال يحيى بن معاذ أشد الناس غفلة من اغتر بحياته والتذ بمراداته وسكن إلى مألوفاته والله تعالى يقول أفرأيت إن متعناهم سنين قيل هي سنو مدة الدنيا ثم جاءهم ما كانوا يوعدون من العذاب ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون به فى تلك السنين والمعنى ان استعجالهم بالعذاب إنما كان لاعتقادهم أنه غير كائن ولا لاحق بهم وانهم ممتعون بأعمار طوال في سلامة وأمن فقال الله تعالى أفبعذابنا يستعجلون أشرا وبطرا واستهزاء واتكالا على الأمل الطويل ثم قال هب ان الأمر كما يعتقدون من تمتيعهم وتعميرهم فاذا لحقهم الوعيد بعد ذلك ما ينفعهم حينئذ ما مضى من طول أعمارهم وطيب معايشهم وعن ميمون بن مهران أنه لقى الحسن في الطواف وكان يتمنى لقاءه فقال عظنى فلم يزده على تلاوة هذه الآية فقال ميمون قد وعظت فابلغت وعن عمر بن عبد العزيز أنه كان يقرؤها عند جلوسه للحكم وماأهلكنا من قرية الا لها منذرون رسل ينذرونهم ولم تدخل الواو على الجملة بعد الا كما فى وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم لأن الأصل عدم الواو إذ الجملة صفة لقرية وإذا زيدت فلتأكيد وصل الصفة