النمل ٩ - ٦
فخسروا ذلك مع خسران النجاة وثواب الله وإنك لتلقى القرآن لتؤتاه وتلقنه من لدن حكيم عليم من عند أي حكيم وأي عليم وهذا معنى تنكيرهما وهذه الآية بساط وتمهيد لما يريد أن يسوق بعدها من الأقاصيص وما في ذلك من لطائف حكمته ودقائق علمه إذ منصوب باذكر كأنه قال على أثر ذلك خذ من آثار حكمته وعلمه قصة موسى عليه السلام قال موسى لأهله لزوجته ومن معه عند مسير ممن مدين إلى مصر أمكثوا إني آنست أبصرت نارا سآتيكم منها بخبر عن حال الطريق لأنه كان قد ضله أو آيتكم بشهاب بالتنوين كوفي أي شعلة مضيئة قبس نار مقبوسة بدل أو صفة وغيرهم بشهاب قبس على الإضافة لأنه يكون قبسا وغير قبس ولا تدافع بين قوله سآتيكم هنا ولعلى آتيكم في القصص مع أن أحدهما زج والآخر تيقن لأن الراجي إذا قوي رجاؤه يقول سأفعل كذا وسيكون كذا مع تجويزه الخيبة ومجيئه بسين التسويف عدة لأهله أنه يأتيهم به وأن أبطأ أو كانت المسافة بعيدة وبأو لأنه بني الرجاء على أنه إن لم يظفر بحاجته جميعا لم يعد واحدة منها أما هداية الطريق وأما اقتباس النار ولم يدر أنه ظافر على النار بحاجتيه الكليتين وهما عز الدنيا والآخرة واختلاف الألفاظ في هاتين الصورتين والقصة واحدة دليل عن جواز نقل الحديث بالمعنى وجواز النكاح بغير لفظ التزوج لعلكم تصطلون تستدفئون بالنار من البرد الذي أصابكم والطاء بدل من تاء افتعل لأجل الصاد فلما جاءها أي النار التي أبصرها نودى موسى أن بورك مخففة من الثقيلة وتقديره نودى بأن بورك والضمير ضمير الشان وجاز ذلك من غير عوض وإن منعه الزمخشري لأن قوله بورك دعاء والدعاء يخالف غيره في أحكام كثيرة ومفسرة لأن في النداء معنى القول أي قيل له بورك أي قدس أو جعل فيه البركة والخير من في النار ومن حولها أي بورك من في مكان النار وهم الملائكة ومن حول مكانها أي موسى لحدوث أمر ديني فيها وهو تكليم الله موسى واستنباؤه له واظهار المعجزات عليه وسبحان الله رب العالمين هو من جملة ما نودي فقد نزه ذاته عما لا يليق به من التشبيه وغيره يا موسى إنه أنا العزيز الحكيم الضمير في أنه للشأن والشأن أنا الله مبتدأ وخبر العزيز الحكيم صفتان للخبر أو يرجع إلى ما دل عليه ماقبله أي أن مكلمك أنا والله بيان لأنا والعزيز الحكيم صفتان للمبين وهو تمهيد لما أراد أن يظهر على يده من المعجزات وألق عصاك لتعلم معجزتك فتأنس بها وهو عطف على بورك