النمل ١٤ - ١٠
لأن المعنى نودى أن بورك من في النار وأن ألق عصاك كلاهما تفسير لنودى والمعنى قيل له بورك من في النار وقيل له ألق عصاك ويدل عليه ما ذكر في سورة القصص وأن ألق عصاك بعد قوله أن يا موسى إني على تكرير حرف التفسير فلما رآها تهتز تتحرك حال من الهاء في رآها كأنها جان حية صغيرة حال من الضمير في تهتز ولى موسى مدبرا أدبر عنها وجعلها تلى ظهره خوفا من ثوب الحية عليه ولم يعقب ولم يلتفت أو لم يرجع يقال قد عقب فلان إذا رجع يقاتل بعد أن ولى فنودى يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدى المرسلون أي لا يخاف عندي المرسلون حال خطابي اياهم أو لا يخاف لدى المرسلون من غيري إلا من ظلم أي لكن من ظلم من غيرهم لأن الأنبياء لا يظلمون أو لكن من ظلم منهم من زل من المرسلين فجاء غير ما أذنت له مما يجوز على الأنبياء كما فرط آدم ويونس وداود وسليمان عليهم السلام ثم بدل حسنا أي اتبع توبة بعد سوء زلة فإني غفور رحيم أقبل توبته وأغفر زلته وأرحمه كم فاحقق أمنيته وكأنه تعريض بما قال موسى حين قتل القبطي رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له وأدخل يدك في جيبك جيب قميصك وأخرجها تخرج بيضاء نيرة تغلب نور الشمس من غير سوء برص وبيضاء ومن غير سوء حالان في تسع آيات كلام مستأنف وفي يتعلق بمحذوف أي اذهب في تسع آيات أو وألق عصاك وادخل يدك في جملة تسع آيات إلى فرعون وقومه إلى يتعلق بمحذوف أي مرسلا إلى فرعون وقومه إنهم كانوا قوما فاسقسن خارجين عن أمر الله كافرين فلما جاءتهم آياتنا أي معجزاتنا مبصرة حال أي ظاهرة بينة جعل الأبصار لها وهو في الحقيقة لمتأمليها لملابستهم إياها بالنظر والتفكر فيها أو جعلت كأنها تبصر فتهدي لأن الأعمى لا يقدر على الإهتداء فضلا أن يهدي غيره ومنه قولهم كلمة عمياء وعوراء لأن الكلمة الحسنة ترشد والسيئة تغوي قالوا هذا سحر مبين ظاهر لمن نأمله وقد قوبل بين المبصرة والمبين وجحدوا بها قيل الجحود لا يكون إلا من علم من الجاحد وهذا ليس بصحيح لأن الجحود هو الإنكار وقد يكون الإنكار للشيء للجهل به وقد يكون بعد المعرفة تعنتا كذا ذكر في الشرح التأويلات وذكر في الديوان يقال جحد حقه وبحقه بمعنى والواو في واستيقنتها للحال وقد بعدها مضمرة والأستيقان أبلغ من الإيقان أنفسهم