النمل ١٦ - ١٤
أي جحدوا بألسنتهم واستيقنوها في قلوبهم وضمائرهم ظلما حال من الضمير في جحدوا وأي ظلم افحش من ظلم من استيقن أنها آيات من عند الله ثم سماها سحرا بينا وعلوا ترفعا عن الإيمان بما جاء به موسى فانظر كيف كان عاقبة المفسدين وهو الإغراق هنا والأحراق ثمة ولقد آتينا أعطينا داوود وسليمان علما طائفة من العلم أو علما سنيا غزيرا والمراد علم الدين والحكم وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين والآيات حجة لنا على المعتزلة في ترك الأصلح وهنا محذوف ليصح عطف الواو عليه ولولا تقدير المحذوف لكان الوجه الفاء كقولك أعطيته فشكر وتقديره آتيناهما علما فعملا به وعلماء وعرفا حق النعمة فيه وقالا الحمد لله الذي فضلنا والكثير المفضل عليه من لم يؤت علما أو من لم يؤت مثل علمهما وفيه أنهما فضلا على كثير وفضل عليهما كثير وفي الآية دليل على شرف العلم وتقدم حملته وأهله وأن نعمة العلم من أجل النعم وأن من أوتيه فقد أوتى فضلا على كثير من عباده وما سماهم رسول الله صلى الله عليه و سلم ورثة الأنبياء إلا لمداناتهم لهم في الشرف والمنزلة لأنهم القوام بما بعثوا من أجله وفيها أنه يلزمهم لهذه النعمة الفاضلة أن يحمدوا الله على ما أتوه وأن يعتقد العالم أنه إن فضل على كثير فقد فضل عليه مثلهم وما أحسن قوله عمر رضي الله عنه كل الناس أفقه من عمر رضي الله عنه وورث سليمان داوود ورث من النبوة والملك دون سائر بنيه وكانوا تسعة عشر قالوا أوتى النبوة مثل أبيه فكأنه ورثه وإلا فالنبوة لا تورث وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير تشهيرا لنعمة الله تعالى واعترافا بمكانها ودعاء للناس إلى التصديق بذكر المعجزة التي هي علم منطق الطير والمنطق كل ما يصوت به من المفرد والمؤلف المفيد وغير المفيد وكان سليمان عليه السلام يفهم منهم كما يفهم بعضها من بعض روى أنه صاحت فاخته فأخبر أنها تقول ليت ذا الخلق لم يخلقوا وصاح طاوس فقال يقول كما تدين تدان وصاح هدهد فقال يقول استغفروا الله يا مذنبين وصاح خطاف فقال يقول قدموا خيرا تجدوه وصاحت رحمة فقال تقول سبحان ربي الأعلى ملء سمائه وأرضه وصاح قمري فأخبر انه يقول سبحان ربي الأعلى وقال الحدأة تقول كل شيء هالك إلا الله والقطاة تقول من سكت سلم والديك يقول في البعد من الناس أنس والضفدع يقول سبحان ربي القدوس وأوتينا من كل شيء المراد به كثرة ما أوتى كما تقول فلان يعلم كل شيء ومثله وأوتيت من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين