القصص ٤٤ - ٣٩
ولم يبق أحد من عماله إلا هلك واستكبر هو وجنوده تعظم في الأرض أرض مصر بغير الحق أي بالباطل فالاستكبار بالله تعالى وهو المتكبر على الحقيقة أي المتبالغ في كبرياء الشأن كما حكى رسولنا عن ربه الكبرياء ردائي والعظمة ازاري فمن نازعني واحدا منهما ألقيته في النار وكل مستكبر سواه فاستكباره بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون يرجعون نافع وحمزة وعلي وخلف ويعقوب فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم من الكلام المفحم الذي دل به على عظمة شأنه شبههم استقلالا لعددهم وإن كانوا الجم الغفير بحصيات أخذنهن آخذ بكفه فطرحهن في البحر فانظر يا محمد كيف كان عاقبة الظالمين وحذر قومك فإنك منصور عليهم وجعلناهم أئمة قادة يدعون إلى النار أي عمل أهل النار قال ابن عطاء نزع عن أسرارهم التوفيق وأنوار التحقيق فهم في ظلمات نفوسهم لا يدلون على سبيل الرشاد وفيه دلالة خلق أفعال العباد ويوم القيامة لا ينصرون من العذاب وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ألزمناهم طردا وابعادا عن الرحمة وقيل هو ما يلحقهم من لعن الناس إياهم بعدهم ويوم القيامة هم من المقبوحين المطرودين المبعدين أو المهلكين المشوهين بسواد الوجوه وزرقة العيون ويوم ظرف للمقبوحين ولقد آتينا موسى الكتاب والتوراة من بعد ما أهلكنا القرون الأولى قوم نوح وهود وصالح ولوط عليهم السلام بصائر للناس حال من الكتاب والبصيرة نور القلب الذي يبصر به الرشد والسعادة كما أبصر نور العين الذي يبصر به الأجساد يريد آتيناه التوراة أنوارا للقلوب لأنها كانت عميا لا تستبصر ولا تعرف حقا من باطل وهدى وارشادا لأنهم كانوا يخبطون في ضلال ورحمة أن اتبعها لأنهم إذا عملوا بها وصلوا إلى نيل الرحمة لعلهم يتذكرون يتعظون وما كنت يا محمد بجانب الجبل الغربي وهو المكان الواقع في شق الغرب وهو الذي وقع فيه ميقات موسى إذ قضينا إلى موسى الأمر أي كلمناه وقربناه نجيا وما كنت من الشاهدين من جملة الشاهدين للوحي إليه حتى تقف من جهة المشاهدة على ما جرى من أمر موسى في ميقاته


الصفحة التالية
Icon