العنكبوت ٨ - ٤
السيئات أي الشرك والمعاصي أن يسبقونا أي يفوتونا يعني أن الجزاء يلحقهم لا محالة واشتمال صلة أن على مسند ومسند إليه سد مفعولين كقوله أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ويجوزأن يضمن حسب معنى قدر وأم منقطعة ومعنى الإضراب فيها أن هذا الحسبان أبطل من الحسبان الأول لأن ذلك يقدر أنه لا يمتحن لإيمانه وهذا يظن أنه لا يجازي بمساويه وقالوا الأول في المؤمنين وهذا في الكافرين ساء ما يحكمون ما في موضع رفع على معنى ساء الحكم حكمهم أو نصب على معنى ساء حكما يحكمون والمخصوص بالذنب محذوف أي بئس حكما يحكمونه حكمهم من كان يرجوا لقاء الله أي يأمل ثوابه أو يخاف حسابه فالرجاء يحتملهما فإن أجل الله المضروب للثواب والعقاب لآت لا محالة فاليبادر للعمل الصالح الذي يصدق رجاءه ويحقق أمله وهو السميع لما يقوله عباده العليم بما يفعلونه فلا يفوته شيء ما وقال الزجاج من للشرط ويرتفع بالإبتداء وجواب الشرط فإن اجل الله لآت كقولك إن كان زيد الدار فقد صدق الوعد ومن جاهد نفسه بالصبر على طاعة الله أو الشيطان بدفع وساوسة أو الكفار فإنما يجاهد لنفسه لأن منفعة ذلك ترجع إليها إن الله لغني عن العالمين وعن طاعتهم ومجاهدتهم وإنما أمر ونهي رحمة للعباده والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم أي الشرك والمعاصي بالإيمان والتوبة ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون أي أحسن جزاء أعمالهم في الإسلام ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وصى حمكمه حكم أمر في معناه وتصرفه يقال وصيت زيدا بأن يفعل خيرا كما تقول أمرته بأن يفعل ومنه قوله وصى بها ابراهيم بنيه أي وصاهم بكلمة التوحيد وأمرهم بها وقولك وصيت وزيدا بعمر ومعناه وصيته بتعهد عمرو ومراعاته ونحو ذلك وكذلك معنى قوله ووصينا الإنسان بوالديه حسنا ووصيناه بإيتاء والديه حسنا أو بإيلاء والديه حسنا أي فعلا ذا حسن أو ما هو في ذاته حسن لفرط حسنه كقوله وقولوا للناس حسنا ويجوز أن يجعل حسنا من باب قولك زيدا بإضمار اضرب إذا رأيته متهيأ للضرب فتنصبه بإضمار أولهما أو إفعل بهما لأن التوصية بهما دالة عليه وما بعده مطابق له كأنه قال قلنا أولهما معروفا ولا تطعهما في الشرك إذا حملاك عليه وعلى هذا التفسيران وقف علي بوالديه وابتدىء حسنا حسن الوقف على التفسير الأول لابد من اضمار القول معناه وقلنا وإن جاهداك أيها الإنسان لتشرك بي ما ليس لك به علم أي لا علم بإلهيته والمراد بنفي العلم نفى المعلوم كأنه قال لتشرك بي شيئا لا يصح أن يكون إلها فلا تطعهما في ذلك فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق


الصفحة التالية
Icon