العنكبوت ٢٤ - ١٩
وليست الرؤية واقعة عليه وإنما هو اخبار على حياله بالإعادة بعد الموت كما وقع النظر في قوله كيف بدأ الخلق ثم الله ينشىء النشأة الآخرة على البدء دون الانشاء بل هو معطوف على جملة قوله أو لم يروا كيف يبدىء الله الخلق إن ذلك أي الإعادة على الله يسير سهل قل يا محمد وإن كان من كلام ابراهيم فتقديره وأوحينا إليه أن قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق على كثرتهم واختلاف أحوالهم لتعرفوا عجائب فطرة الله لمشاهدة وبدأ وأبدأ بمعنى ثم الله ينشىء النشأة الآخرة أي البعث وبالمد حيث كان مكي وأبو عمرو وهذا دليل على أنهما نشأتان وأن كل واحدة منهما انشاء أي ابتداء واختراع وإخراج من العدم إلى الوجود غير أن الآخرة لأن الكلام معهم وقع في الإعادة فلما قررهم في الابداء بأنه من الله احتج عليهم بأن الإعادة انشاء مثل الإبداء فإذا لم يعجزه الإبداء وجب أن لا يعجزه الإعادة فكأنه قال ثم ذلك الذي أنشأ النشأة الأولى هو الذي ينشىء النشأة الآخرة فللتنبيه على هذا المعنى أبرز اسمه وأوقعه مبتدأ أن الله على كل شيء قدير قادر يعذب من يشاء بالخذلان ويرحم من يشاء بالهداية أو بالحرص والقناعة أو بسوء الخلق وحسنة أو الاعراض عن الله وبالاقبال عليه أو بمتابعة البدع وبملازمة السنة وإليه تقبلون تردون وترجعون وأما أنتم بمعجزين ربكم أي لا تفوتونه إن هربتم من حكمه وقضائه في الأرض الفسيحة ولا في السماء التي هي أفسح منها وأبسط لو كنتم فيها ومالكم من دون الله من ولي يتولى أموركم ولا نصير ولا ناصر يمنعكم من عذابي والذين كفروا بآيات الله دلائله على وحدانيته وكتبه ومعجزاته ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي جنتي وأولئك لهم عذاب أليم فما كان جواب قومه قوم ابراهيم حين دعاهم إلى الإيمان إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه قال بعضهم لبعض أو قاله واحد منهم وكان الباقون راضين فكانوا جميعا في حكم القائلين فاتفقوا تحريقه فأنجاه الله من النار حين قذفوه فيها إن في ذلك فيما فعلوا به وفعلنا لآيات لقوم يؤمنون


الصفحة التالية
Icon