العنكبوت ٦٣ - ٥٩
صبروا خبر مبتدأ محذوف أى هم الذين صبروا على مفارقة الأوطان وعلى أذى المشركين وعلى المحن والمصائب وعلى الطاعات وعن المعاصى والوصل أجود ليكون الذين نعتا للعاملين وعلى ربهم يتوكلون ولم يتوكلوا فى جميع ذلك إلا على الله ولما أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم من أسلم من مكة بالهجرة خافوا الفقر والضيعة فنزلت وكأين من دابة أى وكم من دابة وكائن بالمد والهمز مكى والدابة كل نفس دبت على وجه الأرض عقلت أم لم تعقل لا تحمل رزقها لا تطيق أن تحمله لضعفها عن حملة الله يرزقهم وإياكم أى لا يرزق تلك الدواب الضعاف إلا الله ولا يرزقكم أيضا أيها الأقوياء إلا هو وإن كنتم مطيقين لحمل ارزاقكم وكسبها لأنه لو لم يقدركم ولم يقدر لكم أسباب الكسب لكنتم أعجز من الدواب التى لا تحمل وعن الحسن لا تحمل رزقها لا تدخره إنما تصبح فيرزقها الله وقيل لا يدخر شيء من الحيوان قوتا إلا ابن آدم والفأرة والنملة وهو السميع لقولكم تخشى الفقر والعيلة العليم بما فى ضمائركم ولئن سألنهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر أى ولئن سألت هؤلاء المشركين من خلق السموات والارض على كبرهما وسعتهما ومن الذى سخر الشمس والقمر ليقولن الله فانى يؤفكون فكيف يصرفون عن توحيد الله مع إقرارهم بهذا كله الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له أى لمن يشاء فوضع الضمير موضع من يشاء لأن من يشاء مبهم غير معين فكان الضمير مبهما مثله قدر الرزق وقتره بمعنى إذا ضيقه إن الله بكل شئ عليم يعلم ما يصلح العباد وما يفسدهم فى الحديث ان من عبادى من لا يصلح إيمانه إلا الغنى ولو أفقرته لأفسده ذلك وأن من عبادى من لا يصلح إيمانه إلا الفقر ولو أغنينته لأفسده ذلك ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها ليقولن الله أي هم مقرون بذلك قل الحمد لله على إنزاله الماء لاحياء الأرض أو على أنه ممن أقر بنحوما أقروا به ثم نفعه ذلك فى توحيد الله ونفى الشركاء عنه ولم يكن إقرارا عاطلا كاقرار المشركين بل أكثرهم لا يعقلون لا يتدبرون بما فيهم من العقول فيما نريهم من الآيات ونقيم عليهم من الدلالات أو