الروم ٩ - ٧
يفيد انهم لا يعلمون إلا ظاهرا واحدا من جملة ظواهرها وهم عن الآخرة هم غافلون هم الثانية مبتدأ وغافلون خبره والجملة خبرهم الأولى وفيه بيان أنهم معدن الغفلة عن الآخرة ومقرها أو يتفكروا فى أنفسهم يحتمل أن يكون ظرفا كانه قيل أو لم يثبتوا التفكر فى أنفسهم أى فى قلوبهم الفارغة من الفكر والتفكر لا يكون إلا فى القلوب ولكنه زيادة تصوير لحال المتفكرين كقوله اعتقده فى قلبك وأن يكون صلة للتفكر نحو تفكر فى الأمر وأجال فيه فكره ومعناه على هذا أولم يتفكروا فى أنفسهم التى هى أقرب اليهم من غيرها من المخلوقات وهم أعلم بأحوالها منهم بأحوال ما عداها فيتدبروا ما أودعها الله ظاهرا وباطنا من غرائب الحكمة الدالة على التدبير دون الاهمال وأنه لا بد لها من الانتهاء إلى وقت تجازى فيه على الاحسان إحسانا وعلى الإساءة مثلها حتى يعلموا عند ذلك أن سائر الخلائق كذلك أمرها جار على الحكمةفى التدبير وأنه لا بد لها من الانتهاء إ لى ذلك الوقت ماخلق الله السموات والأرض وما بينهما متعلق بالقول المحذوف ومعناه أو لم يتفكروا فيقولوا هذا القول وقيل معناه فيعلموا لأن فى الكلام دليلا عليه إلا بالحق وأجل مسمى أى ما خلقها باطلا وعبثا بغير حكمة بالغة ولا لتبقى خالدة إنما خلقها مقرونة بالحق مصحوبة بالحكمة وبتقدير أجل مسمى لا بدلها من أن تنتهى اليه وهو قيام الساعة ووقت الحساب والثواب والعقاب ألا ترى الى قوله أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم الينا ترجعون كيف سمى تركهم غير راجعين اليه عبثا وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم بالبعث والجزاء لكافرون لجاحدون وقال الزجاج أى لكافرون بلقاء ربهم او لم يسيروا فى الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم هو تقرير لسيرهم فى البلاد ونظرهم إلى آثار المدمرين من عاد وثمود وغيرهم من الأمم العاتية ثم وصف حالهم فقال كانوا اشد منهم قوة واثاروا الأرض وحرثوها وعمروها اى المدمرون اكثر صفة مصدر محذوف وما مصدريةفى مما عمروها أى من عمارة اهل مكة وجاءتهم رسلهم بالبينات وتقف عليها لحق الحذف أى فلم يؤمنوا فاهلكوا فما كان الله ليظلمهم فما كان تدميره اياهم ظلما لهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون ولكنهم ظلموا