الأحزاب ٢٥ - ٢١
وقيل لمن يتعلق بحسنة أى أسوة حسنة كائنة لمن كان وذكر الله كثيرا أى فى الخوف والرجاء والشدة والرخاء ولما رأى المؤمنون الاحزاب وعدهم الله أن يزلزلوا حتى يستغيثوه ويستنصروه بقوله أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم إلى قوله قريب فلما جاء الاحزاب واضطربوا ورعبوا الرعب الشديد قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وعلموا أن الغلبة والنصرة قد وجبت لهم وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه و سلم قال لأصحابه ان الاحزاب سائرون اليكم فى آخر تسع ليال أو عشر فلما رأوهم قد أقبلوا للميعاد قالوا ذلك وهذا إشارة إلى الخطب والبلاء وما زادهم ما رأوا من اجتماع الاحزاب عليهم ومجيئهم إلا إيمانا بالله وبمواعيده وتسليما لقضائه وقدره من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه أى فيما عاهدوه عليه فحذف الجار كما فى المثل صدقنى سن بكره أى صدقنى فى سن بكره بطرح الجار وإيصال الفعل نذر رجال من الصحابة أنهم إذا لقوا حربا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ثبتوا وقاتلوا حتى يستشهدوا وهم عثمان بن عفان وطلحة وسعد بن زيد وحمزة ومصعب وغيرهم فمنهم من قضى نحبه أى مات شهيدا كحمزة ومصعب وقضاء النحب صار عبارة عن الموت لأن كل حى من المحدثات لا بد له أن يموت فكانه نذر لازم فى رقبته فإذا مات فقد مضى نحبه أى نذره ومنهم من ينتظر الموت أى على الشهادة كعثمان وطلحة وما بدلوا العهد تبديلا ولا غيروه لا المستشهد ولا من ينتظر الشهادة وفيه تعريض لمن بدلوا من أهل النفاق ومرضى القلوب كما مر فى قوله تعالى ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الادبار ليجزى الله الصادقين بصدقهم بوفائهم بالعهد ويعذب المنافقين إن شاء إذا لم يتوبوا أو يتوب عليهم إن تابوا ان الله كان غفورا بقبول التوبة رحيما بعفو الحوبة جعل المنافقين كانهم قصدوا عاقبة السوء وأرادوها بتبديلهم كما قصد الصادقون عاقبة الصدق بوفائهم لأن كلا الفريقين مسوق إلى عاقبته من الثواب والعقاب فكانهما استويا فى طلبها والسعى فى تحصيلها ورد الله الذين كفروا الاحزاب بغيظهم حال أى مغيظين كقوله تنبت بالدهن لم ينالوا خيرا ظفر أى لم يظفروا بالمسلمين وسماه خيرا يزعمهم وهو حال أى غير ظافرين وكفى الله المؤمنين القتال بالريح والملائكة