مريم ٨ - ٤
شيب رأسي واشتعل رأسي شيبا وزان اشتعل النار في بيتي واشتعل بيتي نارا والفرق نير ولأن فيه الاجمال والتفصيل كما عرف في طريق التمييز وابلغ منه واشتعل الرأس مني شيبا لما مر وأبلغ منه واشتعل الرأس شيبا ففيه اكتفاء بعلم المخاطب أنه رأس زكريا بقرينة العطف على وهن العظم ولم أكن بدعائك مصدر ومضاف إلى المفعول أي بدعائي اياك رب شقيا أي كنت مستجاب الدعوة قبل اليوم سعيدا به غير شقي فيه يقال سعد فلان بحاجته إذا ظفر بها ومشقي إذا خاب ولم ينلها وعن بعضهم أن محتاجا سأله وقال أنا الذي احسنت إلى وقت كذا فقال مرحبا بمن توسل بنا إلينا وقت حاجته وقضى حاجته وإني خفت الموالي هم عصبته اخوته وبنو عمه وكانوا شرار بني اسرائيل فخافهم أن يغيروا الدين وأن لا يحسنوا الخلافة على أمته فطلب عقبا صالحا من صلبه يقتدى به في احياء الدين من ورائي بعد موتي وبالقصر وفتح الياء كهداي مكي وهذا الظرف لا يتعلق بخفت لأن وجود خوفه بعد موته لا يتصور ولكن بمحذوف أو بمعنى الولاية في الموالي أي خفت فعل الموالي وهو تبديلهم وسوء خلافتهم من ورائي أو خفت الذين يلون الأمر من ورائي وكانت امرأتي عاقرا عقيما لا تلد فهب لي من لدنك اختراعا منك بلا سبب لأن امرأتي لا تصلح للولادة وليا ابنا يلي أمرك بعدي يرثني ويرث برفعهما صفة لوليا أي هب لي ولدا وارثا مني العلم ومن آل يعقوب النبوة ومعنى وراثة النبوة أنه يصلح لأن يوحى اليه ولم يرد أن نفس النبوة تورث وبجزمهما أبو عمرو وعلى على أنه جواب للدعاء يقال ورثته وورثت منه من آل يعقوب يعقوب بن اسحق واجعله رب رضيا مرضيا ترضاه أو راضيا عنك وبحكمك فأجاب الله تعالى دعائه وقال يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى تولى الله تسميته تشريفا له نبشرك بالتخفيف حمزة لم نجعل له من قبل سميا لم يسم أحد بيحيى قبله وهذا دليل على أن الاسم الغريب جدير بالاثرة وقيل مثلا وشبيها ولم يكن له مثل في أنه لم يعص ولم يهم بمعصية قط وانه ولد بين شيخ وعجوز وأنه كان حصورا فلما بشرته الملائكة به قال رب أني كيف يكون لي غلاما وليس هذا باستبعاد بل هو استكشاف أنه بأي طريق يكون أيوهب له وهو وامرأته بتلك الحال أم يحولان شابين وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا أي بلغت عتيا وهو اليبس والجساوة في المفاصل والعظام