فاطر ١٨ - ١٥
فى كل نفس وخطرة ولحظة وكيف لا ووجودهم به وبقاؤهم به والله هوالغنى عن الاشياء أو جمع الحميد المحمود بكل لسان ولم يسمهم بالفقراء للتحقير بل للتعريض على الاستغناء ولهذا وصف نفسه بالغنى الذى هو مطعم الاغنياء وذكر الحميد ليدل به على أنه الغنى النافع بغناه خلقه والجواد المنعم عليهم إذ ليس كل غنى نافعا بغناه إلا إذا كان الغنى جوادا منعما وإذا جاد وانعم حمده المنعم عليهم قال سهل لما خلق الله الخلق حكم لنفسه بالغنى ولهم بالفقر فمن ادعى الغنى حجب عن الله ومن أظهر فقره أوصله فقره إليه فينبغى للعبد أن يكون مفتقرا بالسر إليه ومنقطعا عن الغير إليه حتى تكون عبوديته محضة فالعبودية هى الذل والخضوع وعلامته أن لا يسأل من أحد وقال الواسطى من استغنى بالله لا يفتقر ومن تعزز بالله لا يذل وقال الحسين على مقدار افتقار العبد إلى الله يكون غنيا بالله وكلما ازداد افتقارا ازداد غنى وقال يحيى الفقر خير للعبد من الغنى لأن المذلة فى الفقر والكبر فى الغنى والرجوع إلى الله بالتواضع والذلة خير من الرجوع إليه بتكثير الأعمال وقيل صفة الأولياء ثلاثة الثقة بالله في كل شيء والفقر إليه في كل شيء والرجوع إليه من كل شىء وقال الشبلى الفقر يجر البلاء وبلاؤه كله عز وإن يشأ يذهبكم كلكم إلى العدم فان غناه بذاته لابكم فى القدم ويأت بخلق جديد وهو بدون حمدكم حميد وما ذلك الانشاء والافناء على الله بعزير بممتنع وعن ابن عباس يخلق بعدكم من يعبده لا يشرك به شيئا ولا تزر وازرة وزر أخرى ولا تحمل نفس آثمة اثم نفس أخرى والوزر والوقر اخوان ووزر الشىء إذا حمله والوازرة صفة للنفس والمعنى ان كل نفس يوم القيامة لا تحمل إلا وزرها الذى اقترفته لا تؤاخذ نفس بذنب نفس كما تأخذ جبابره الدنيا الولي بالولى والجار بالجار وإنما قيل وازرة ولم يقل ولا تزر نفس وزر آخرى لأن المعنى ان النفوس الوازرات لا ترى منهن واحدة إلا حاملة وزرها لا وزر غيرها وقوله ليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وارد فى الضالين المضلين فانهم يحملون أثقال اضلال الناس مع أثقال ضلالهم وذلك كله أوزارهم ما فيها شىء من وزر غيرهم ألا ترى كيف كذبهم الله تعالى فى قولهم اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم بقوله وماهم بحاملين من خطاياهم من شىء وان تدع مثقلة أى نفس مثقلة بالذنوب أحدا إلى حملها ثقلها أى ذنوبها ليتحمل عنها بعض ذلك لا يحمل منه شىء ولو كان أى المدعو وهو مفهوم من قوله وان تدع ذا قربى ذا قرابة قريبة كأب أو ولد أو أخ والفرق بين معنى قوله ولا تزر وازرة وزر أخرى ومعنى وان تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شىء ان الأول دال على عدل الله فى حكمه وان لا يؤاخذ نفسا بغير ذنبها والثانى فى بيان أنه لا غياث يومئذ لمن استغاث حتى ان نفسا قد أثقلتها الأوزار لو دعت إلى أن يخفف بعض وقرها لم تجب ولم تغث وإن كان