مريم ٥١ - ٤٦
الذى عصى الرحمن الذي جميع النعم منه أوقعك فى عبادة الصنم وزينها لك فأنت عابده فى الحقيقه ثم ربع بتخويفه سوء العاقبة وما يجره ما هو فيه من التبعه والوبال مع مراعاة الآدب حيث لم يصرح بأن العقاب لاحق به وأن العذاب لاصق به بل قال أخاف أن يمسك عذاب بالتنكير المشعر بالتقليل كأنه قال انى أخاف أن يصيبك نفيان من عذاب الرحمن وجعل ولابه الشيطان ودخوله فى جملة اشياعه وأوليائه أكبر من العذاب كما ان رضوان الله أكبر من الثواب فى نفسه وصدر كل نصيحة بقوله ياأبت توسلا إليه واستعطافا واشعارا بوجوب احترام الآب وان كان كافرا ثم قال أزرتوبيخا أراغب أنت عن آلهتى يا ابراهيم أي اترغب عن عبادتها فناداه باسمه ولم يقابل يا أبت بيا ابنى وقدم الخبر على المبتدء لانه كان اهم عنده لئن لم تنته عن شتم الأصنام لأرجمنك لأقتلنك بالرجام أولأضربنك بها حتى تتباعد او لآشتمنك واهجرنى عطف على محذوف يدل عليه لارجمنك تقديره فاحذرنى واهجرنى مليا ظرف أي زمانا طويلا من الملاوة قال سلام عليك سلام توديع ومتاركة أو تقريب وملاطفة ولذا وعد بالاستغفار بقوله سأستغفر لك ربي سأسأل الله أن يجعلك من أهل المغفرة بأن يهديك للاسلام إنه كان بي حفيا ملطفا بعموم النعم أو رحيما أو مكرما والحفاوة الرأفة والرحمة والكرامة وأعتزلكم أراد بالاعتزال المهاجرة من أرض بابل إلى الشام وما تدعون من دون الله أي ما تعبدون من أصنامكم وأدعوا واعبد ربي ثم قال تواضعا وهضما للنفس ومعرضا بشقاوتهم بدعاء آلهتهم عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا أي كما شقيتم أنتم بعبادة الأصنام فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله ولما اعتزل الكفار ومعبودهم وهبنا له اسحق ولدا ويعقوب نافلة ليستأنس بهما وكلا كل واحد منهما جعنا نبيا أي لما ترك الكفار الفجار لوجهه عوضه أولادا مؤمنين أنبياء ووهبنا لهم من رحمتنا هي المال والولد وجعلنا لهم لسان صدق ثناء حسنا وهو الصلاة على ابراهيم وآل ابراهيم في الصلوات وعبر باللسان عما يوجد باللسان كما عبر باليد عما يطلق باليد وهي العطية عليا رفيعا مشهورا واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا كوفي غير المفضل أي أخلصه الله واصطفاه ومخلصا بالكسر غيرهم أي


الصفحة التالية
Icon