مريم ٦٥ - ٦١
مكان اقامة التي وعد الرحمن عباده أي عباده التائبين المؤمنين الذين يعلمون الصالحات كما سبق ذكرهم ولأنه أضافهم اليه وهو للاختصاص وهؤلاء أهل الاختصاص بالغيب أي وعدها وهي غائبة عنهم غير حاضرة أو هم غائبون عنها لا يشاهدونها إنه ضمير الشأن أو ضمير الرحمن كان وعده أي موعوده وهو الجنة مأتيا أي هم يأتونها لا يسمعون فيها في الجنة لغوا فحشا أو كذبا أو مالا طائل تحته من الكلام وهو المطروح منه وفيه تنبيه على وجوب تجنب اللغو واتقائه حيث نزه الله عنه داره التي لا تكليف فيها إلا سلاما أي لكن يسمعون سلام من الملائكة أو من بعضهم على بعض أو لا يسمعون فيها إلا قولا يسلمون فيه من العيب والنقيصة فهو استثناء منقطع عند الجمهور وقيل معنى السلام هو الدعاء بالسلامة ولما كان أهل دار السلام أغنياء عن الدعاء بالسلامة كان ظاهره من باب اللغو وفضول الحديث لولا ما فيه من فائدة الاكرام ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا أي يؤتون بارزاقهم على مقدار طرفي النهار من الدنيا إذ لا ليل ولا نهار ثم لانهم في النور أبدا وإنما يعرفون مقدار النهار برفع الحجب ومقدار الليل بارخائها والرزق بالبكرة والعشي أفضل العيش عند العرب فوصف الله جنته بذلك وقيل أراد دوام الرزق كما تقول أنا عند فلان بكرة وعشيا تريد الدوام تلك الجنة التي نورث من عبادنا أي نجعلها ميراث أعمالهم يعني ثمرتها وعاقبتها وقيل يرثون المساكن التي كانت لأهل النار لو آمنوا لأن الكفر موت حكما من كان تقيا عن الشرك عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي عليه السلام قال يا جبريل ما منعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا فنزل وما نتنزل إلا بأمر ربك والتنزل على معنيين معنى النزول على مهل ومعنى النزول على الاطلاق والأول أليق هنا يعني ان نزولنا في الاحايين وقتا غب وقت ليس إلا بأمر الله له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا أي له ما قدامنا وما خلفنا من الأماكن وما نحن فيها فلا نتمالك أن ننتقل من مكان إلى مكان إلا بأمر الله ومشيئته وهو الحافظ العالم بكل حركة وسكون وما يحدث من الأحوال لا تجوز عليه الغفلة والنسيان فأنى لنا أن نتقلب في ملكوته إلا إذا أذن لنا فيه رب السموات والأرض وما بينهما بدل من ربك أو خبر مبتدأ محذوف أي هو رب السموات