طه ٥٩ - ٥٤
إن في ذلك في الذي ذكرت لآيات لدلالات لأولى النهي لذوي العقول واحدها نهية تنهى عن المحظور أو ينتهى اليها في الامور منها من الأرض خلقناكم أي أباكم آدم عليه السلام وقيل يعجن كل نطفة بشيء من تراب مدفنه فيخلق من التراب والنطفة معا أو لأن النطفة من الاغذية وهي من الأرض وفيها نعيدكم إذا متم فدفنتم ومنها نخرجكم عند البعث تارة أخرى مرة اخرى والمراد باخراجهم أنه يؤلف اجزاءهم المتفرقة المختلطة بالتراب ويردهم كما كانوا أحياء ويخرجهم إلى المحشر عدد الله عليهم ما علق بالأرض من مرافقهم حيث جعلها لهم فراشا ومهادا يتقلبون عليها وسوى لهم فيها مسالك يترددون فيها كيف شاءوا وانبت فيها أصناف النبات التي منها أفواتهم وعلوفات بهائمهم وهي أصلهم الذي منه تفرعوا وأمهم التي منها ولدوا وهي كفاتهم إذا ماتوا ولقد أريناه أي فرعون آياتنا كلها وهي تسع آيات العصا واليد وفلق البحر والحجر والجراد والقمل والضفادع والدم ونتق الجبل فكذب الآيات وأبى قبول الحق قال فرعون أجئتنا لتخرجنا من أرضنا مصر بسحرك يا موسى فيه دليل على أنه خاف منه خوفا شديدا وقوله بسحرك تعلل والافاي ساحر يقدر أن يخرج ملكا من أرضه فلنأتينك بسحر مثله فلنعارضك بسحر مثل سحرك فاجعل بيننا وبينك موعدا هو مصدر بمعنى الوعد ويقدر مضاف أي مكان موعد الضمير في لا تخلفه للموعد قرأ يزيد بالجزم على جواب الأمر وغيره بالرفع على الوصف للموعد نحن ولا أنت مكانا هو بدل من المكان المحذوف ويجوز أن لا يقدر مضاف ويكون المعنى اجعل بيننا وبينك وعدا لا نخلفه وانتصب مكانا بالمصدر أو بفعل يدل عليه المصدر سوى بالكسر حجازي وأبو عمرو وعلى وغيرهم الضم وهو نعت لمكانا أي منصفا بيننا وبينك وهو من الاستواء لأن المسافة من الوسط إلى الطرفين مستوية قال موعدكم يوم الزينة مبتدأ وخبر وهو يوم عيد كان لهم أو يوم النيروز أو يوم عاشوراء وإنما استقام الجواب بالزمان وان كان السؤال عن المكان على تأويل الأول لأن اجتماعهم يوم الزينة يكون في مكان لا محالة فبذكر الزمان علم المكان وعلى الثاني تقديره وعدكم وعد يوم الزينة وأن يحشر الناس أي تجمع في موضع رفع أو جر عطفا على يوم أو الزينة ضحى أي وقت الضحوة