ربنا عليك توكلنا متصل بما قبل الاستثناء وهو من جملة الأسوة الحسنة وقيل معناه قولوا ربنا فهو ابتداء أر من الله للمؤمنين بأن يقولوه واليك أنبنا أقبلنا واليك المصير المرجع ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا أي لا تسلطهم علينا فيفتنونا بعذاب واغفر لنا ربنا انك أنت العزيز الحكيم أي الغالب الحاكم لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ثم كرر الحث على الاثتساء بابراهيم عليه السلام وقومه تقريرا وتأكيدا عليهم وذا جاء به مصدرا بالقسم لأنه الغاية في التأكيد وأبدل من قوله لكم قوله لمن كان يرجو الله أي ثوابه أي يخشى الله وعقبه بقوله ومن يتول يعرض عن امرنا ويوال الكفار فان الله هو الغني عن الخلق الحميد المستحق للحمد فلم يترك نوعا من التأكيد إلا جاء به ولما أنزلت هذه الآيات وتشدد المؤمنون في عداوة آبائهم وأبنائهم وجميع اقربائهم من المشركين اطعمهم في تحول الحال إلى خلافه فقال عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منه أي من أهل مكة من أقربائكم مودة بان يوافقهم للايمان فلما يسر فتح مكة أظفرهم الله بأمنيتهم فأسمل قومهم وتم بينهم التحاب وعسى وعد من الله على عادات الملوك حيث يقولون في بعض الحوائج عسى أو لعل فلا تبقى شبهة للمحتاج في تمام ذلك وأريد به إطماع المؤمنين والله قدير على تقليب القلوب وتحويل الأحوال وتسهيل أسباب المودة والله غفور رحيم لمن أسلم من المشركين لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم تكرموهم وتحسنوا اليهم قولا وفعلا ومحل أن تبرهم جر على البدل من الذين لم يقاتلوكم وهو بدل اشتمال والتقدير عن بر الدين وتقسطوا اليهم وتقضوا اليهم بالقسط ولا تظلموهم واذا نهى عن الظلم في حق المشرك فكيف في حق المسلم ان الله يحب المقسطين انما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين واخرجوكم من دياركم وظاهروا على اخراجكم


الصفحة التالية
Icon