الصافات ١١٣ - ١٠٨
ولأن قرنى الكبش كانا منوطين فى الكعبة فى أيدى بنى اسماعيل إلى أن احترق البيت فى زمن الحجاج وابن الزبير وعن الأصمعى أنه قال سألت أبا عمرو بن العلاء عن الذبيح فقال يا أصمعي أين عزب عنك عقلك ومتى كان إسحق بمكة وإنما كان إسماعيل بمكة وهو الذى بنى البيت مع أبيه والمنحر بمكة وعن على وابن مسعود والعباس وجماعة من التابعين رضى الله عنهم أنه اسحق ويدل عليه كتاب يعقوب إلى يوسف عليهما السلام من يعقوب إسرائيل الله بن إسحق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله وإنما قيل وفديناه وان كان الفادى إبراهيم عليه السلام والله تعالى هو المفتدى منه لانه الآمر بالذبح لأنه تعالى وهب له الكبش ليفتدى به وههنا إشكال وهو أنه لا يخلوا إما أن يكون ما أتى به إبراهيم عليه السلام من بطحه على شقة وإمرار الشفرة على حلقة فى حكم الذبح أم لا فإن كان فى حكم الذبح فما معنى الفداء والفداء هوالتخليص من الذبح ببدل وان لم يكن فما معنى قوله قد صدقت الرؤيا وإنما كان يصدقها لو صح منه الذبح أصلا أو بدلا ولم يصح والجواب أنه عليه السلام قد بذل وسعه وفعل ما يفعل الذابح ولكن الله تعالى جاء بما منع الشفرة أن تمضى فيه وهذا لا يقدح فى فعل إبراهيم ووهب الله له الكبش ليقيم ذبحه مقام تلك الحقيقة فى نفس إسماعيل بدلا منه وليس هذا بنسخ منه للحكم كما قال البعض بل ذلك الحكم كان ثابتا إلا أن المحل الذى أضيف إليه لم يحله الحكم على طريق الفداء دون النسخ وكان ذلك إبتلاء ليستقر حكم الأمر عند المخاطب فى آخر الحال على أن المبتغى منه فى حق الولد أن يصير قربانا بنسبة الحكم إليه مكرما بالفداء الحاصل لمعرة الذبح مبتلى بالصبر والمجاهدة إلى حال المكاشفة وإنما النسخ بعد استقرار المراد بالأمر لا قبله وقد سمى فداء فى الكتاب لا نسخا وتركنا عليه فى الآخرين ولا وقف عليه لأن سلام على إبراهيم مفعول وتركنا كذلك نجزى المحسنين ولم يقل انا كذلك هنا كما فى غيره لأنه قد سبق فى هذه القصة فاستخف بطرحه اكتفاء بذكره مرة عن ذكره ثانية انه من عبادنا المؤمنين وبشرناه باسحق نبيا حال مقدرة من اسحق ولا بد من تقدير مضاف محذوف أى وبشرناه بوجود إسحق نبيا أى بأن يوجد مقدرة نبوته فالعامل فى الحال الوجود لا البشارة من الصالحين حال ثانية وورودها علىسبيل الثناء لأن كل نبى لا بد وأن يكون من الصالحين وباركنا عليه وعلى اسحق أى أفضلنا عليهما بركات الدين والدنيا وقيل باركنا على إبراهيم فى أولاده وعلى إسحق بأن أخرجنا من صلبه الف نبى أولهم يعقوب وآخرهم عيسى عليهم السلام ومن ذريتهما محسن مؤمن وظالم لنفسه كافر مبين ظاهر أو محسن إلى الناس وظالم على نفسه بتعديه عن حدود الشرع وفيه تنبيه على أن الخبيث والطيب لا يجرى أمرهما على العرق والعنصر فقد يلد البر الفاجر والفاجر البر وهذا مما يهدم أمر الطبائع والعناصر وعلى أن الظلم فى أعقابهما لم يعد عليهما بعيب ولا نقيصة وان المرء انما يعاب بسوء فعله ويعاقب على ما اجترحت يداه لا على