تعرفونها أن اعبدوا الله وحدوه وان هذه نحو ان انذر في الوجهين واتقوه واحذروا عصيانه واطيعون فيما أمركم به وأنهاكم عنه وإنما أضافه إلى نفسه لان الطاعة قد تكون لغير الله تعالى بخلاف العبادة يغفر لكم جواب الامر من ذنوبكم للبيان كقوله فاجتنبوا الرجس من الاوثان أو للتبعيض لان ما يكون بينه وبين الخلق يؤاخذ به بعد الاسلام كالقصاص وغيره كذا في شرح التأويلات ويؤخركم إلى أجل مسمى وهو وقت وتكم ان اجل الله أي الموت اذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون أي لو كنتم تعلمون ما يحل بكم من الندامة عند انقضاء أجلكم لآمنتم قيل ان الله تعالى قضى مثلا أن قوم نوح ان آمنوا عمرهم الف سنة وان لم يؤمنوا أهلكهم على رأس تسعمائة فقيل لهم آمنوا يؤخركم إلى أجل مسمى أي تبلغوا الف سنة ثم أخبر أن الألف اذا جاء لا يؤخركما يؤخر هذا الوقت وقيل انهم كانوا يخافون على أنفسهم الا هلاك من قومهم بايمانهم واجابتهم لنوح عليه السلام فكأنه عليه السلام أمنهم من ذلك ووعدهم انهم بايمانهم يبقون الى الاجل الذي ضرب لهم لو لم يؤمنوا أي انكم ان أسلمتم إلى أجل مسمى آمنين من عدوكم قال ربي إني دعوت قومي ليلا ونهارا دائبا بلا فتور فلم يزدهم دعائي إلا فرارا عن طاعتك ونسب ذلك إلى دعائه لحصوله عنده وان لم يكن الدعاء سببا للفرار في الحقيقة وهو كقوله وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم والقرآن لا يكون سببا لزيادة الرجس وكان الرجل يذهب بابنه إلى نوح عليه السلام فقول احذر هذا فلا يغرنك فان أبي قد وصاني به واني كلما دعوتهم إلى الايمان مسامعهم لئلا يسمعوا كلامي واستغثوا ثيابهم وتغطوا بثيابهم لئلا يبصروني كراهه النظر إلي وجه من ينصحهم في دين الله وأصروا وأقاموا على كفرهم واستكبروا استكبار وتعظموا عن اجباتي وذكر المصدر دليل على فرط استكبارهم ثم أني دعوتهم جهارا مصدر في موضع الحال أي مجاهرا أو مصدر دعوتهم كقعد القرفصاء لأن الجهار أحد نوعي الدعاء يعني أظهرت لهم الدعوه في المحافل ثم أني أعلنت لهم وأسررت لهم اسرارا أي خلطت دعاءهم بالعلانية بدعاء السر فالحاصل انه دعاهم ليلا ونهارا في السر ثم دعاهم جهارا ثم دعاهم في السر والعلن وهكذا يفعل الآمر بالمعروف يبتدئ بالاهون ثم بالاشد فالاشد فافتتح بالمناصحة في السر فلما لم يقبلوا ثنى بالمجاهرة فلما تؤثر


الصفحة التالية
Icon