ثلت الجمع بين الاسرار والاعلان وثم تدل على تباعد الأحوال لأن الجهار أغلظ من الاسرار والجمع بين الأمرين أغلظ من افراد احدهما فقلت استغفروا ربكم من الشرك لأن الاستغفار طلب المغفرة فان كان المستغفر كافرا فهو من الكفرة وإن كان عاصيا مؤمنا فهو من الذنوب انه كان غفارا لم يزل غفارا الذنوب من ينيب اليه يرسل السماء المطر عليكم مدرارا كثيرة لدرور مفعال يستوي فيه المذكر والمؤنث ويمددكم بأموال وبنين يزدكم أموالا وبنين ويجعل لكم جنات بساتين ويجعل لكم أنهارا جارية لمزارعكم وبساتينكم وكانوا يحبون الاموال والأولاد فحركوا بهذا على الايمان وقيل لما كذبوه بعد طول تكريره الدعوة حبس الله عنهم القطر وأعقم أرحام نسائهم أربعين سنة أو سبعين فوعدهم أنهم إن آمنوا رزقهم الله الخصب ورفع عنهم ما كانوا فيه وعن عمر رضي الله تعالى عنه أنه خرج يستسقي فما زاد على الاستغفار فقيل له ما رأيناك استسقيت فقال لقد استقيت بمجاديح السماء التي يستنزل به المطر شبه عمر الاستغفار بالأنواء الصادقة التي لا تخطئ وقرأ الآيات وعن الحسن أن رجلا شكا اليه الجدب فقال استغفر الله وشكا اليه آخر الفقر آخر قلة النسل وآخر قلة ربع أرضه فأمرهم كلهم بالاستغفار فقال له الربيع بن صبيح أتاك رجال يشكون أبوابا فأمرتم كلهم بالاستغفار فتلا الآيات ما لكم لا ترجون اله وقارا لا تخافون لله عظمة عن الأخفش قال والرجاء هنا الخوف لأن مع الرجاء طرفا من الخوف ومن اليأس والوقار العظمة أو لا تأملون له توقيرا أي تعظيما والمعنى ما لكم لا تكونون على حال تأملون فيها تعظيم الله إياكم في دار الثواب وقد خلقم أطوارا في موضع الحال أي مالكم لا تؤمنون بالله والحال هذه وهي حال موجبة للايمان به لأنه خلقكم أطوارا أي تارات وكرات خلقكم أولا نطفا ثم خلقكم علقا ثم خلقك مضغا ثم خلقكم عظاما ولحما نبههم أولا على النظر في أنفسهم لأنها أقرب ثم على الظر في العالم وما سوى فيه من العجائب الدالة على الصانع بقوله ألم تروا كيف خلق الله سبع سموات طباقا بعضا على بعض وجعل القمر فيهن نورا أي في السموات وهو في السماء الدنيا لأن بين السموات ملابسة من حيث أنها طباق فجاز أن يقال فيهن كذا وإن لم يكن في جميعهن كما يقال في المدينة وكذا وهو في بعض نواحيها وعن ابن عباس وابن عمر رضي الله تعالى عنهم أن الشمس والقمر وجوههما مما يلي السموات وظهورهما مما يلي الأرض فيكن نور القمر محيطا بجميع السموات لأنها لطيفة لا تحجيب نوره وجعل الشمس سراجا مصباحا يبصر أهل الدنيا في ضوئها كما يبصر أهل البيت


الصفحة التالية
Icon