ص ٤٦ - ٤٢
هذا مغتسل بارد وشراب برجلك حكاية ما أجيب به أيوب عليه السلام أى أرسلنا إليه جبريل عليه السلام فقال له اركض برجلك أى اضرب برجلك الأرض وهى أرض الجابية فضربها فنبعت عين فقيل هذا مغتسل بارد وشراب أى هذا ما تغتسل به وتشرب منه فيبرا باطنك وظاهرك وقيل نبعت له عينان فاغتسل من إحداهما وشرب من الأخرى فذهب الداء من ظاهره وباطنه بإذن الله تعالى ووهبنا له أهله ومثلهم معهم قيل أحياهم الله تعالى بأعيانهم وزاده مثلهم رحمة منا وذكرى لأولى الألباب مفعول لهما أى الهبة كانت للرحمة له ولتذكير أولى الألباب لأنهم إذا سمعوا بما أنعمنا به عليه لصبره رغبهم فى الصبر على البلاء وخذ معطوف على اركض بيدك ضغثا حزمة صغيرة من حشيش أو ريحان أو غير ذلك وعن ابن عباس رضى الله عنهما قبضة من الشجر فاضرب به ولا تحنث وكان حلف فى مرضه ليضربن امرأته مائة إذا برأ فحلل الله يمينه باهون شىء عليه وعليها لحسن خدمتها إياه وهذه الرخصة باقية ويجب أن يصيب المضروب كل واحدة من المائة والسبب فى يمينه أنها أبطأت عليه ذاهبة فى حاجة فخرج صدره وقيل باعت ذؤابتيها برغيفين وكانتا متعلق أيوب عليه السلام إذا قام إنا وجدناه علمناه صابرا علىالبلاء نعم قد شكا إلى الله مابه واسترحمه لكن الشكوى إلى الله لا تسمى جزعا فقد قال يعقوب عليه السلام إنما أشكو بني وحزنى إلى الله على أنه عليه السلام كان يطلب الشفاء خيفة على قومه من الفتنة حيث كان الشيطان يوسوس إليهم أنه لو كان نبيا لما ابتلى بمثل ما ابتلى به وإرادة القوة على الطاعة فقد بلغ أمره إلى أن لم يبق منه إلا القلب واللسان نعم العبد أيوب انه أواب واذكر عبادنا عبدنا مكى إبراهيم واسحق ويعقوب فمن جمع فإبراهيم ومن بعده عطف بيان على عبادنا ومن وحد فإبراهيم وحده عطف بيان له ثم عطف ذريته على عبدنا ولما كانت أكثر الأعمال تباشر بالأيدى غلبت فقيل في كل عمل هذا مما عملت أيديهم وإن كان عملا لا تتأتى فيه المباشرة بالأيدى أو كان العمال جذماء لا أيدى لهم وعلى هذا ورد قوله أولى الأيدى والأبصار أى أولى الأعمال الظاهرة والفكر الباطنة كأن الذين لا يعملون أعمال الآخرة ولا يجاهدون في الله ولا يتفكرون أفكار ذوى الديات في حكم ا لزمنى الذين لا يقدرون على أعمال جوارحهم والمسلوبى العقول الذين لا استبصار لهم وفيه تعريض بكل من لم يكن من عمال الله ولا من المستبصرين فى دين الله وتوبيخ على تركهم المجاهدة والتأمل مع كونهم متمكنين منهما انا أخلصناهم جعلناهم لنا خالصين بخالصة بخصلة خالصة لا شوب فيها ذكرى الدار ذكرى فى محل النصب