ص ٨١ - ٧٢
من روحى الذى خلقته واضافه إليه تخصيصا كبيت الله وناقة الله والمعنى أحييته وجعلته حساسا متنفسا فقعوا أمر من وقع يقع أى أسقطوا على الارض والمعنى اسجدوا له ساجدين قيل كان انحناء يدل على التواضع وقيل كان سجدة لله أو كان سجدة التحية فسجد الملائكة كلهم أجمعون كل للاحاطة وأجمعون للاجتماع فأفاد أنهم سجدوا عن آخرهم جميعهم في وقت واحد غير متفرقين فى أوقات إلا إبليس استكبر تعظيم عن السجود وكان من الكافرين وصار من الكافرين بإباء الأمر قال إبليس ما منعك أن تسجد ما منعك عن السجود لما خلقت بيدى أى بلا واسطة امتثالا لأمرى وإعظاما لخطابى وقد مر أن ذا اليدين يباشر أكثر أعماله بيده فغلبت العمل باليدين على سائر الأعمال التى تباشر بغيرهما حتى قيل فى عمل القلب هو ماعملت يداك وحتى قيل لمن لا يدين له يداك أو كنا وفوك نفخ وحتى لم يبق فرق بين قولك هذا مما عملته وهذا مما عملته يداك ومنه قوله مما عملت أيدينا ولما خلقت بيدى استكبرت استفهام انكار أم كنت من العالين ممن علوت وفقت وقيل استكبرت الآن أم لم تزل مذ كنت من المستكبرين قال أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين يعنى لو كان مخلوقا من نار لما سجدت له لأنه مخلوق مثلى فكيف أسجد لمن هو دونى لأنه من طين والنار تغلب الطين وتأكله وقد جرت الجملة الثانية من الأولى وهى خلقتي من نار مجرى المعطوف عطف البيان والايضاح قال فاخرج منها من الجنة أو من السموات أو من الخلقة التى أنت فيها لأنه كان يفتخر بخلقته فغير الله خلقته واسود بعد ما كان أبيض وقبح بعد ما كان حسنا واظلم بعد ما كان نورانيا فإنك رجيم مرجوم أى مطرود تكبر إبليس أن يسجد لمن خلق من طين وزل عنه أن الله أمر به ملائكته واتبعوا أمره إجلالا لخطابه وتعظيما لأمره فصار مرجوما ملعونا بترك أمره وإن عليك لعنتى بفتح الياء مدنى أى إبعادى من كل الخير إلى يوم الدين أى يوم الجزاء ولا يظن أن لعنته غايتها يوم الدين ثم تنقطع لأن معناه أن عليه اللعنة فى الدنيا وحدها فإذا كان يوم الدين اقترن بها العذاب فينقطع الانفراد أو لما كان عليه اللعنة فى أوان الرحمة فأولى أن تكون عليه فى غير أوانها وكيف تنقطع وقد قال الله تعالى فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين قال رب فانظرنى فامهلنى إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم الوقت المعلوم الوقت الذى تقع فيه النفخة الأولى ويومه اليوم الذى هو وقت النفخة جزء من أجزائه ومعنى


الصفحة التالية
Icon