الزمر ٥ - ٢
لأن الأول كالعنوان للكتاب والثانى لبيان ما في الكتاب فاعبد الله مخلصا حال له الدين أى ممحضا له الدين من الشرك والرياء بالتوحيد وتصفية السر فالدين منصوب بمخلصا وقرىء الدين بالرفع وحق من رفعه أن يقرأ مخلصا ألا لله الدين الخالص أى هو الذى وجب اختصاصه بأن تخلص له الطاعة من كل شائبة كدر لاطلاعه على الغيوب والأسرار وعن قتادة الدين الخالص شهادة أن لا إله إلا الله وعن الحسن الإسلام والذين اتحذوا من دونه أولياء أى آلهة وهو مبتدا محذوف الخبر تقديره والذين عبدوا الأصنام يقولون ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى مصدر أى تقريبا إن الله يحكم بينهم بين المسلمين والمشركين فيما هم فيه يختلفون قيل كان المسلمون إذا قالوا لهم من خلق السموات والأرض قالوا الله فإذا قالوا لهم فما لكم تعبدون الأصنام قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى والمعنى أن الله يحكم يوم القيامة بين المتنازعين من الفريقين إن الله لا يهدى من هو كاذب كفار أى لا يهدى من هو فى علمه أنه يختار الكفر يعنى لا يوفقه للهدى ولا يعينه وقت اختياره الكفر ولكنه يخذله وكذبهم قولهم فى بعض من اتخذوا من دون الله أولياء بنات الله ولذا عقبه محتجا عليهم بقوله لو اراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء أي لو جاز اتخاذ الولد على ما تظنون لاختار مما يخلق ما يشاء لا ما تختارون أنتم وتشاؤون سبحانه نزه ذاته عن أن يكون له أخذ ما نسبوا إليه من الأولياء والأولاد ودل على ذلك بقوله هو الله الواحد القهار يعنى أنه واحد متبرىء عن انضمام الاعداد متعال عن التجزؤ والولاد قهار غلاب لكل شىء ومن الأشياء آلهتهم فأنى يكون له أولياء وشركاء ثم دل بخلق السموات والأرض وتكوير كل واحد من الملوين على الآخر وتسخير النيرين وجريهما لأجل مسمى وبث الناس على كثرة عددهم من نفس واحدة وخلق الأنعام على أنه واحد لا يشارك قهار لا يغالب بقوله خلق السموات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل والتكوير اللف واللى يقال كار العمامة على رأسه وكورها والمعنى أن كل واحد منهما يغيب الآخر إذا طرأ عليه فشبه فى تغييبه إياه بشىء ظاهر لف عليه ما غيبه عن مطامح الأبصار وأن هذا يكر على هذا كرورا متتابعا فشبه ذلك بتتابع أكوار العمامة بعضها على أثر بعض وسخر الشمس


الصفحة التالية
Icon