الزمر ٥٩ - ٥٥
ان لم تتوبوا قبل نزول العقاب واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم مثل قوله الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه وقوله من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون أى يفجؤكم وأنتم غافلون كأنكم لا تخشون شيئا لفرط غفلتكم أن تقول لئلا تقول نفس إنما نكرت لأن المرد بها بعض الأنفس وهى نفس الكافر ويجوز أن يراد نفس متميزة من الأنفس اما بلجاج فى الكفر شديد أو بعذاب عظيم ويجوز أن يراد التكثير يا حسرتى الألف بدل من ياء المتكلم وقرىء يا حسرتى على الأصل ويا حسرتاى على الجمع بين العوض والمعوض منه على ما فرطت قصرت وما مصدرية مثلها فى بما رحبت فى جنب الله فى أمر الله أو فى طاعة الله أو فى ذاته وفى حرف عبد الله فى ذكر الله والجنب الجانب يقال أنا فى جنب فلان وجانبه وناحيته وفلان لين الجانب والجنب ثم قالوا فرط فى جنبه وفى جانبه يريدون فى حقه وهذا من باب الكناية لأنك إذا أثبت الأمر فى مكان الرجل وحيزه فقد أثبته فيه ومنه الحديث من الشرك الخفى أن يصلى الرجل لمكان الرجل أى لأجله وقال الزجاج معناه فرط فى طريق الله وهو توحيده والاقرار بنبوة محمد صلى الله عليه و سلم وإن كنت لمن الساخرين المستهزئين قال قتادة لم يكفه أن ضيع طاعة الله حتى سخر من أهلها ومحل وإن كنت النصب على الحال كأنه قال فرطت وأنا ساخر أى فرطت فى حال سخريتى أو تقول لو أن الله هدانى أى أعطانى الهداية لكنت من المتقين من الذين يتقون الشرك قال الشيخ الإمام أبو منصور رحمه الله تعالى هذا الكافر أعرف بهداية الله من المعتزلة وكذا أولئك الكفرة الذين قالوا لاتباعهم لو هدانا الله لهديناكم يقولون لو وفقنا الله للهداية وأعطانا الهدى لدعوناكم إليه ولكن علم منا اختيار الضلالة والغواية فخذلنا ولم يوفقنا والمعتزلة يقولون بل هداهم وأعطاهم التوفيق لكنهم لم يهتدوا والحاصل أن عند الله لطفا من أعطى ذلك اهتدى وهو التوفيق والعصمة ومن لم يعطه ضل وغوى وكان استحبابه العذاب وتضييعه الحق بعد ما مكن من تحصيله لذلك أو تقول حين ترى العذاب لو أني كرة رجعة إلى الدنيا فأكون من المحسنين من الموحدين بلى قد جاءتك آياتى فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين بلى رد من الله كأنه يقول بلى قد جاءتك آياتى وبينت لك الهداية من الغواية وسبيل الحق من الباطل ومكنتك من اختيار الهداية على الغواية واختيار الحق علىالباطل ولكن تركت ذلك وضيعته واستكبرت عن قبوله وآثرت الضلالة علىالهدى واشتغلت بضد ما أمرت