العدد المراد به حقيقة العدد في الأحكام كما في الكفارات (صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم) وكفارة اليمين (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام) أو الإخبار عن الأمور التي وقعت (سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوماً) (اختار موسى لقومه سبعين رجلا) وإما في مقام التكثير. ولقد اختلف المفسرون في حقيقة العدد ويبدو من النصوص أنه أراد حقيقة العدد لأنه - ﷺ - لما نزلت هذه الآية قال: " سمعت ربي رخّص لي فلأستغفرنّ لهم سبعين وسبعين وسبعين " ففهم من الآية أن الله رخّص له أن يستغفر أكثر من سبعين لعلّ الله تعالى يغفر لهم لكن نزلت آية أخرى نسخت هذه الآية (سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لن يغفر الله لهم) فنفت هذه الآية ما فهمه الرسول - ﷺ - من الآية الأولى والله أعلم.
٣٣- ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى (وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب) في سورة هود آية ٦٢ وقوله تعالى (وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه) في سورة إبراهيم آية ٩؟
في آية سورة هود الكلام في قصة صالح فجاء بلفظ (تدعونا) أما في سورة إبراهيم فالكلام عن مجموعة من الرسل لذا جاء قوله (تدعوننا).
الذي يبدو أنه عندما يأتي (إننّا) هو آكد، (إنا) تأتي للتوكيد سواء كانت النون مشددة أو مخففة
نون التوكيد قد تأتي في أول الأسماء (إننا) وفي آخر الأفعال للتوكيد (ولتكوناً) (ليذهبنّ)
وعندما نقول (إننا) تحتمل معنيين: في مقام التفصيل (إننا) وفي مقام التوكيد (إننا) فلو قرأنا القصتين في السورتين لوجدنا أن قصة صالح فصّل تعالى فيها كثيراً فاقتضى التفصيل استخدام (إننا) وكذلك التكذيب في قوم صالح كان أشدّ فجاء التوكيد بلفظ (إننا) إذن القصة في قصة صالح أطول والتكذيب أشدّ في سورة هود، بينما الكلام في سورة إبراهيم موجز فاقتضى التوكيد في سورة هود بـ (إننا) ولم يقتضي التوكيد في سورة إبراهيم بـ (إنا).


الصفحة التالية
Icon