قوله ٢٠ - ﴿ فإن حاجوك ﴾ أي جادلوك بالشبه الباطلة والأقوال المحرفة ﴿ فقل أسلمت وجهي لله ﴾ أي أخلصت ذاتي لله وعبر بالوجه عن سائر الذات لكونه أشرف أعضاء الإنسان وأجمعها للحواس وقيل الوجه هنا بمعنى القصد وقوله ﴿ ومن اتبعن ﴾ عطف على فاعل أسلمت وجاز للفصل وأثبت نافعل وأبو عمرو ويعقوب الياء في اتبعن على الأصل وحذفها الآخرون اتباعا لرسم المصحف ويجوز أن تكون الواو بمعنى مع والمراد بالأميين هنا مشركوا العرب وقوله ﴿ أأسلمتم ﴾ استفهام تقريري يتضمن الأمر : أي أسلموا كذا قاله ابن جرير وغيره وقال الزجاج :﴿ أأسلمتم ﴾ تهديد والمعنى : أنه قد أتاكم من البراهين ما يوجب الإسلام فهل علمتم بموجب ذلك أم لا ؟ تبكيتا لهم وتصغيرا لشأنهم في الإنصاف وقبول الحق وقوله ﴿ فقد اهتدوا ﴾ أي ظفروا بالهداية التي هي الحظ الأكبر وفازوا بخير الدنيا والآخرة ﴿ وإن تولوا ﴾ أي أعرضوا عن قبول الحجة ولم يعملوا بموجبها ﴿ فإنما عليك البلاغ ﴾ أي فإنما عليك أن تبلغهم ما أنزل إليك ولست عليهم بمسيطر فلا تذهب نفسك عليهم حسرات والبلاغ مصدر وقوله ﴿ والله بصير بالعباد ﴾ فيه وعد ووعيد لتضمنه أنه عالم بجميع أحوالهم
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ﴿ قائما بالقسط ﴾ قال : بالعدل وأخرج أيضا عن ابن عباس مثله وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ﴿ إن الدين عند الله الإسلام ﴾ قال : الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله والإقرار بما جاء به من عند الله وهو دين الله الذي شرع لنفسه وبعث به رسله ودل عليه أولياؤه لا يقبل غيره وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : لم يبعث الله رسولا إلا بالإسلام وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : كان حول البيت ستون وثلثمائة صنم لكل قبيلة من قبائل العرب صنم أو صنمان فأنزل الله ﴿ شهد الله أنه لا إله إلا هو ﴾ الآية فأصبحت الأصنام كلها قد خرت سجدا للكعبة وأخرج ابن السني في عمل اليوم والليلة وأبو منصور الشحامي في الأربعين عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :[ إن فاتحة الكتاب وآية الكرسي والآيتين من آل عمران ﴿ شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم * إن الدين عند الله الإسلام ﴾ ﴿ قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء ﴾ إلى قوله :﴿ بغير حساب ﴾ هن معلقات بالعرش ما بينهن وبين الله حجاب يقلن يا رب تهبطنا إلى أرضك وإلى من يعصيك ؟ قال الله : إني حلفت لا يقرأكن أحد من عبادي دبر كل صلاة إلا جعلت الجنة مأواه على ما كان منه وإلا أسكنته حظيرة القدس وإلا نظرت إليه بعيني المكنونة كل يوم سبعين نظرة وإلا قضيت له كل يوم سبعين حاجة أدناها المغفرة وإلا أعذته من كل عدو ونصرته منه ] وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن أبي أيوب الأنصاري مرفوعا نحوه وفيه [ لا يتلوكن عبد دبر كل صلاة مكتوبة إلا غفرت له ما كان منه وأسكنته جنة الفردوس ونظرت إليه كل يوم سبعين مره وقضيت له سبعين حاجة أدناها المغفرة ] وأخرج أحمد وابن أبي حاتم والطبراني وابن السني عن الزبير بن العوام قال :[ سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو بعرفة يقرأ هذه الآية ﴿ شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ﴾ فقال : وأنا على ذلك من الشاهدين ] ولفظ الطبراني [ وأنا أشهد أن لا إله إلا أنت العزيز الحكيم ] وأخرج ابن عدي والطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان وضعفه والخطيب في تاريخه وابن النجار عن غالب القطان قال : أتيت الكوفة في تجارة فمر بهذه الآية ﴿ شهد الله أنه لا إله إلا هو ﴾ إلى قوله :﴿ إن الدين عند الله الإسلام ﴾ فقال : وأنا أشهد بما شهد به الله وأستودع الله هذه الشهادة وهي لي وديعة عند الله قالها مرارا فقلت : لقد سمع فيها شيئا فسألته فقال : حدثني أبو وائل عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :[ يجاء بصاحبها يوم القيامة فيقول الله : عبدي عهد إلي وأنا أحق من وفى بالعهد أدخلوا عبدي الجنة ] وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ﴿ وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه ﴾ قال : بنو إسرائيل وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله ﴿ بغيا بينهم ﴾ يقول : بغيا على الدنيا وطلب ملكها وسلطانها فقتل بعضهم بعضا على الدنيا من بعد ما كانوا علماء الناس وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ﴿ فإن حاجوك ﴾ قال : إن حاجك اليهود والنصارى وأخرج ابن المنذر عن ابن جرير نحوه وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس ﴿ وقل للذين أوتوا الكتاب ﴾ قال : اليهود والنصارى ﴿ والأميين ﴾ قال : هم الذين لا يكتبون