هذا شروع في بيان خيانة اليهود في المال بعد بيان خيانتهم في الدين والجار والمجرور في قوله ٧٥ - ﴿ ومن أهل الكتاب ﴾ في محل رفع على الابتداء على ما مر في قوله ﴿ ومن الناس من يقول ﴾ وقد تقدم تفسير القنطار وقوله ﴿ تأمنه ﴾ هذه قراءة الجمهور وقرأ ابن وثاب والأشهب العقيلي تيمنه بكسر التاء الفوقية على لغة بكر وتميم ومثله قراءة من قرأ نستعين بكسر النون وقرأ نافع والكسائي ﴿ يؤده ﴾ بكسر الهاء في الدرج قال أبو عبيد : واتفق أبو عمرو والأعمش وحمزو وعاصم في رواية أبي بكر على إسكان الهاء قال النحاس : إسكان الهاء لا يجوز إلا في الشعر عند بعض النحويين وبعضهم لا يجيزه ألبتة ويرى أنه غلط من قرأ به ويوهم أن الجزم يقع على الهاء وأبو عمرو أجل من أن يجوز عليه شيء من هذا والصحيح عنه أنه كان يكسر الهاء وقال الفراء : مذهب بعض العرب يسكنون الهاء إذا تحرك ما قبلها فيقولون : ضربنه ضربا شديدا كما يسكنون ميم أنتم وقمتم وأنشد :

( لما رأى أن لا دعة ولا شبع مال إلى أرضاه حقف فاضطجع ) اه
وقرأ أبو المنذر سلام والزهري يؤده بضم الهاء بغير واو وقرأ قتادة وحمزة ومجاهد يؤدهو بواو في الإدراج ومعنى الآية : أن أهل الكتاب فيهم الأمين الذي يؤدي أمانته وإن كانت كثيرة وفيهم الخائن الذي لا يؤده أمانته وإن كانت حقيرة ومن كان أمينا في الكثير فهو في القليل أمين بالأولى ومن كان خائنا في القليل فهو في الكثير خائن بالأولى وقوله ﴿ إلا ما دمت عليه قائما ﴾ استثناء مفرغ أي لا يؤده إليك في حال من الأحوال إلا ما دمت عليه قائما مطالبا له مضيقا عليه متقاضيا لرده والإشارة بقوله : ذلك إلى ترك الأداء المدلول عليه بقوله ﴿ لا يؤده ﴾ والأميون هم العرب الذين ليسوا أهل كتاب : أي ليس علينا في ظلمهم حرج لمخالفتهم لنا في ديننا وادعوا لعنهم الله أن ذلك في كتابهم فرد الله سبحانه عليهم بقوله ﴿ ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون * بلى ﴾ أي بلى عليهم سبيل لكذبهم واستحلالهم أموال العرب
فقوله : ٧٦ - ﴿ بلى ﴾ إثبات لما نفوه من السبيل قال الزجاج : تم الكلام بقوله ﴿ بلى ﴾ ثم قال ﴿ من أوفى بعهده واتقى ﴾ وهذه جملة مستأنفة : أي من أوفى بعهده واتقى فليس من الكاذبين أو فإن الله يحبه والضمير في قوله ﴿ بعهده ﴾ راجع إلى من أو إلى الله تعالى وعموم المتقين قائم مقام العائد إلى من أي : فإن الله يحبه


الصفحة التالية
Icon