قوله ٢٦ - ﴿ يريد الله ليبين لكم ﴾ اللام هنا هي لام كي التي تعاقب أن قال الفراء : العرب تعاقب بين لام كي وأن فتأتي باللام التي على معنى كي في موضع أن في أردت وأمرت فيقولون : أردت أن تفعل وأردت لتفعل ومنه ﴿ يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ﴾ ﴿ وأمرت لأعدل بينكم ﴾ ﴿ وأمرنا لنسلم لرب العالمين ﴾ ومنه :

( أريد لأنسى ذكرها فكأنما تمثل لي ليلى بكل سبيل )
وحكى الزجاج هذا القول وقال : لو كانت اللام بمعنى أن لدخلت عليها لام أخرى كما تقول : جئت كي تكرمني ثم تقول : جئت لكي تكرمني وأنشد :
( أردت لكيما يعلم الناس أنها سراويل قيس والوفود شهود )
وقيل : اللام زائدة لتأكيد معنى الاستقبال أو لتأكيد إرادة التبيين ومفعول يبين محذوف : أي ليبين لكم ما خفي عليكم من الخير وقيل : مفعول يريد محذوف : أي يريد الله هذا ليبين لكم وبه قال البصريون وهو مروي عن سيبويه وقيل : اللام بنفسها ناصبة للفعل من غير إضمار أن وهي وما بعدها مفعول للفعل المتقدم وهو مثل قول الفراء السابق وقال بعض البصريين : إن قوله ﴿ يريد ﴾ مؤول بالمصدر مرفوع بالابتداء مثل : تسمع بالمعيدي خير من أن تراه ومعنى الآية : يريد الله ليبين لكم مصالح دينكم وما يحل لكم وما يحرم عليكم ﴿ ويهديكم سنن الذين من قبلكم ﴾ أي : طرقهم وهم الأنبياء وأتباعهم لتقتدوا بهم ﴿ ويتوب عليكم ﴾ أي : ويريد أن يتوب عليكم فتوبوا إليه وتلافوا ما فرط منكم بالتوبة يغفر لكم ذنوبكم
٢٧ - ﴿ والله يريد أن يتوب عليكم ﴾ هذا تأكيد لما قد فهم من قوله ﴿ ويتوب عليكم ﴾ المتقدم وقيل : الأول معناه للإرشاد إلى الطاعات : والثاني فعل أسبابها وقيل : إن الثاني لبيان كمال منفعة إرادته سبحانه وكمال ضرر ما يريده الذين يتبعون الشهوات وليس المراد به مجرد إرادة التوبة حتى يكون من باب التكرير للتأكيد قيل : هذه الإرادة منه سبحانه في جميع أحكام الشرع وقيل : في نكاح الأمة فقط
واختلف في تعيين المتبعين للشهوات فقيل : هم الزناة وقيل : اليهود والنصارى وقيل : اليهود خاصة وقيل : هم المجوس لأنهم أرادوا أن يتبعهم المسلمون في نكاح الأخوات من الأب والأول أولى والميل : العدول عن طريق الاستواء والمراد بالشهوات هنا ما حرمه الشرع ودون ما أحله ووصف الميل بالعظم بالنسبة إلى ميل من اقترف خطيئة نادرا


الصفحة التالية
Icon