٤٥ - ﴿ والله أعلم بأعدائكم ﴾ أيها المؤمنون وما يريدونه بكم من الإضلال والجملة اعتراضية ﴿ وكفى بالله وليا ﴾ لكم ﴿ وكفى بالله نصيرا ﴾ ينصركم في مواطن الحرب فاكتفوا بولايته ونصره ولا تتولوا غيره ولا تستنصروه والباء في قوله ﴿ بالله ﴾ في الموضعين زائدة
قوله ٤٦ - ﴿ من الذين هادوا ﴾ قال الزجاج : إن جعلت متعلقة بما قبل فلا يوقف على قوله ﴿ نصيرا ﴾ وإن جعلت منقطعة فيجوز لوقف على ﴿ نصيرا ﴾ والتقدير : من الذين هادوا قوم يحرفون ثم حذف وهذا مذهب سيبويه ومثله قول الشاعر :
( لو قلت ما في قومها لم أيثم | يفضلها في حسب وميسم ) |
( فظلوا ومنهم دمعه سابق له )
أي من دمعه وأنكره المبرد والزجاج لأن حذف الموصول كحذف بعض الكلمة وقيل : إن قوله ﴿ من الذين هادوا ﴾ بيان لقوله ﴿ الذين أوتوا نصيبا من الكتاب ﴾ والتحريف : الإمالة والإزالة : أي يميلونه ويزيلونه عن مواضعه ويجعلون مكانه غيره أو المراد أنهم يتأولونه على غير تاويله وذمهم الله عز و جل بذلك لأنهم يفعلونه عنادا وبغيا وتأثيرا لغرض الدنيا قوله ﴿ ويقولون سمعنا وعصينا ﴾ أي : سمعنا قولك وعصينا أمرك ﴿ واسمع غير مسمع ﴾ أي : اسمع حال كونك غير مسمع وهو يحتمل أن يكون دعاء على النبي صلى الله عليه و سلم والمعنى : اسمع لا سمعت ويحتمل أن يكون المعنى : اسمع غير مسمع مكروها أو اسمع غير مسمع جوابا وقد تقدم الكلام في راعنا ومعنى ﴿ ليا بألسنتهم ﴾ أنهم يلوونها عن الحق : أي يميلونها إلى ما في قلوبهم وأصل اللي : الفتل وهو منتصب على المصدر ويجوز أن يكون مفعولا لأجله قوله ﴿ وطعنا في الدين ﴾ معطوف على ليا : أي يطعنون في الدين بقولهم : لو كان نبيا لعلم أنا نسبه فأطلع الله سبحانه نبيه صلى الله عليه و سلم على ذلك ﴿ ولو أنهم قالوا سمعنا ﴾ قولك ﴿ وأطعنا ﴾ أمرك ﴿ واسمع ﴾ ما نقول ﴿ وانظرنا ﴾ أي : لو قالوا هذا مكان قولهم راعنا ﴿ لكان خيرا لهم ﴾ مما قالوه ﴿ وأقوم ﴾ أي أعدل وأولى من قولهم الأول وهو قولهم ﴿ سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ﴾ لما في هذا من المخالفة وسوء الأدب واحتمال الذم في راعنا ﴿ ولكن ﴾ لم يسلكوا المسلك الحسن ويأتوا بما هو خير لهم وأقوم ولهذا ﴿ لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا ﴾ أي : إلا إيمانا قليلا وهو الإيمان ببعض الكتب دون بعض وببعض الرسل دون بعض