قوله ٦٠ - ﴿ ألم تر إلى الذين يزعمون ﴾ فيه تعجيب لرسول الله صلى الله عليه و سلم من حال هؤلاء الذين ادعوا لأنفسهم أنهم قد جمعوا بين الإيمان بما أنزل على رسول الله وهو القرآن وما أنزل على من قبله من الأنبياء فجاؤوا بما بنقض عليهم هذه الدعوى ويبطلها من أصلها ويوضح انهم ليسوا على شيء من ذلك أصلا وهو إرادتهم التحاكم إلى الطاغوت وقد أمروا فيما أنزل على رسول الله وعلى من قبله أن يكفروا به وسيأتي بيان سبب نزول الآية وبه يتضح معناها وقد تقدم تفسير الطاغوت والاختلاف في معناه قوله ﴿ ويريد الشيطان ﴾ معطوف على قوله ﴿ يريدون ﴾ والجملتان مسوقتان لبيان محل التعجب كأنه قيل : ماذا يفعلون ؟ فقيل : يريدون كذا ويريد الشيطان كذا وقوله ﴿ ضلالا ﴾ مصدر للفعل المذكور بحذف الزوائد كقوله ﴿ والله أنبتكم من الأرض نباتا ﴾ أو مصدر لفعل محذوف دل عليه الفعل المذكور والتقدير : ويريد الشيطان أن يضلهم فيضلون ضلالا
٦١ - ﴿ وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا ﴾ والصدود : اسم للمصدر وهو الصد عند الخليل وعند الكوفيين أنهما مصدران : أي يعرضون عنك إعراضا
قوله ٦٢ - ﴿ فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ﴾ بيان لعاقبة أمرهم وما صار إليه حالهم : أي كيف يكون حالهم ﴿ إذا أصابتهم مصيبة ﴾ أي وقت إصابتهم فإنهم يعجزون عند ذلك ولا يقدرون على الدفع والمراد ﴿ بما قدمت أيديهم ﴾ ما فعلوه من المعاصي التي من جملتها التحاكم إلى الطاغوت ﴿ ثم جاؤوك ﴾ يعتذرون عن فعلهم وهو عطف على ﴿ أصابتهم ﴾ وقوله ﴿ يحلفون ﴾ حال : أي جاؤوك حال كونهم حالفين ﴿ إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا ﴾ أي : ما أردنا بتحاكمنا إلى غيرك إلا الإحسان لا الإساءة والتوفيق بين الخصمين لا المخالفة لك وقال ابن كيسان : معناه ما أردنا إلا عدلا وحقا مثل قوله ﴿ وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى ﴾


الصفحة التالية
Icon