قوله : ٥٧ - ﴿ قل إني على بينة من ربي ﴾ البينة : الحجة والبرهان : أي إني على برهان من ربي ويقين لا على هوى وشك أمره الله سبحانه بأن يبين لهم أن ما هو عليه من عبادة ربه هو عن حجة برهانية يقينية لا كما هم عليه من اتباع الشبه الداحضة والشكوك الفاسدة التي لا مستند لها إلا مجرد الأهوية الباطلة قوله :﴿ وكذبتم به ﴾ أي بالرب أو بالعذاب أو بالقرآن أو بالبينة والتذكير للضمير باعتبار المعنى وهذه الجملة إما حالية بتقدير قد : أي والحال أن قد كذبتم به أو جملة مستأنفة مبينة لما هم عليه من التكذيب بما جاء به رسول الله صلى الله عليه و سلم من الحجج الواضحة والبراهين البينة
قوله : ٥٨ - ﴿ ما عندي ما تستعجلون به ﴾ أخبرهم بأنه لم يكن عنده ما يتعجلونه من العذاب فإنهم كانوا لفرط تكذيبهم يستعجلون نزوله استهزاء نحوه قوله :﴿ أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا ﴾ وقولهم :﴿ اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء ﴾ وقولهم :﴿ متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ﴾ وقيل :﴿ ما عندي ما تستعجلون به ﴾ من الآيات التي تقترحونها علي قوله :﴿ إن الحكم إلا لله ﴾ : أي ما الحكم في كل شيء إلا لله سبحانه ومن جملة ذلك ما تستعجلون به من العذاب أو الآيات المقترحة والمراد : الحكم الفاصل بين الحق والباطل قوله :﴿ يقص الحق ﴾ قرأ نافع وابن كثير وعاصم ﴿ يقص ﴾ بالقاف والصاد المهملة وقرأ الباقون ﴿ يقض ﴾ بالضاد المعجمة والياء وكذا قرأ علي وأبو عبد الرحمن السلمي وسعيد بن المسيب وهو مكتوب في المصحف بغير ياء فعلى القراءة الأولى هو من القصص : أي يقص القصص الحق أو نم قص أثره : أي يتبع الحق فيما يحكم به وعلى القراءة الثانية هو من القضاء : أي يقضي القضاء بين عباده والحق منتصب على المفعولية أو على أنه صفة لمصدر محذوف : أي يقضي القضاء الحق أو يقص القصص الحق ﴿ وهو خير الفاصلين ﴾ أي بين الحق والباطل بما يقضي به بين عباده ويفصله لهم في كتابه ثم أمره الله سبحانه أن يقول لهم :﴿ لو أن عندي ما تستعجلون به ﴾ أي ما تطلبون تعجيله بأن يكون إنزاله بكم مقدورا لي وفي وسعي ﴿ لقضي الأمر بيني وبينكم ﴾ أي لقضى الله الأمر بيننا بأن ينزله الله سبحانه بكم بسؤالي له وطلبي ذلك أو المعنى : لو كان العذاب الذي تطلبونه وتستعجلون به عندي وفي قبضتي لأنزلته بكم وعند ذلك يقضي الأمر بيني وبينكم ﴿ والله أعلم بالظالمين ﴾ وبالوقت الذي ينزل فيه عذابهم وبما تقتضيه مشيئته من تأخيره استدراجا لهم وإعذارا إليهم