قوله : ٧٠ - ﴿ وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا ﴾ أي اترك هؤلاء الذين اتخذوا الدين الذي كان يجب عليهم العمل به والدخول فيه لعبا ولهوا ولا تعلق قلبك بهم فإنهم أهل تعنت وإن كنت مأمورا بإبلاغهم الحجة وقيل هذه الآية منسوخة بآية القتال وقيل المعنى : أنهم اتخذوا دينهم الذي هم عليه لعبا ولهوا كما في فعلهم بالأنعام من تلك الجهالات والضلالات المتقدم ذكرها وقيل المراد بالدين هنا العيد : أي اتخذوا عيدهم لعبا ولهوا وجملة ﴿ وغرتهم الحياة الدنيا ﴾ معطوفة على ﴿ اتخذوا ﴾ أي غرتهم حتى آثروها على الآخرة وأنكروا البعث وقالوا :﴿ إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين ﴾ قوله :﴿ وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ﴾ الضمير في ﴿ به ﴾ للقرآن أو للحساب والإبسال : تسليم المرء نفسه للهلاك ومنه أبسلت ولدي : أي رهنته في الدم لأن عاقبة ذلك الهلاك قال النابغة :

( ونحن رهنا بالإفاقة عامرا بما كان في الدرداء رهنا فأبسلا )
اه
أي فهلك والدرداء : كتيبة كانت لهم معروفة بهذا الاسم فالمعنى : وذكر به خشية أو مخافة أو كراهة أن تهلك نفس بما كسبت : أي ترتهن وتسلم للهلكة وأصل الإبسال : المنع ومنه شجاع باسل : أي ممتنع من قرنه قوله :﴿ وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها ﴾ العدل هنا : الفدية والمعنى : وإن بذلت تلك النفس التي سلمت للهلاك كل فدية لا يؤخذ منها ذلك العدل حتى تنجو به من الهلاك وفاعل ﴿ يؤخذ ﴾ ضمير يرجع إلى العدل لأنه بمعنى المفدى به كما في قوله :﴿ ولا يؤخذ منها عدل ﴾ وقيل فاعله منها لأن العدل هنا مصدر لا يسند إليه الفعل وكل عدل منصوب على المصدر : أي عدلا كل عدل والإشارة بقوله :﴿ أولئك ﴾ إلى المتخذين دينهم لعبا ولهوا وخبره ﴿ الذين أبسلوا بما كسبوا ﴾ أي هؤلاء الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا هم الذين سلموا للهلاك بما كسبوا و ﴿ لهم شراب من حميم ﴾ جواب سؤال مقدر كأنه قيل كيف حال هؤلاء ؟ فقيل لهم شراب من حميم وهو الماء الحار ومثله قوله تعالى :﴿ يصب من فوق رؤوسهم الحميم ﴾ وهو هنا شراب يشربونه فيقطع أمعاءهم


الصفحة التالية
Icon