قوله : ١١٣ - ﴿ ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة ﴾ اللام في لتصغي لام كي فتكون علة كقوله ﴿ يوحي ﴾ والتقدير : يوحي بعضهم إلى بعض ليغروهم ولتصغي وقيل : هو متعلق بمحذوف يقدر متأخرا : أي لتصغي ﴿ جعلنا لكل نبي عدوا ﴾ وقيل : إن اللام للأمر وهو غلط فإنها لو كانت لام الأمر جزم الفعل والإصغاء : الميل يقال : صغوت أصغو صغوا وصغيت أصغي : ويقال : صغيت بالكسر ويقال : أصغيت الإناء : إذا أملته ليجتمع ما فيه وأصله الميل إلى الشيء لغرض من الأغراض ويقال : صغت النجوم : إذا مالت للغروب وأصغت الناقة : إذا أمالت رأسها ومنه قول ذي الرمة :

( تصغي إذا شدها بالكور جانحة حتى إذا ما استوى في غرزها وثبت )
والضمير في إليه لزخرف القول أو لما ذكر سابقا من زخرف القول وغيره : أي أوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول ليغروهم ﴿ ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة ﴾ من الكفار ﴿ وليرضوه ﴾ لأنفسهم بعد الإصغاء إليه ﴿ وليقترفوا ما هم مقترفون ﴾ من الآثام والاقتراف : الاكتساب يقال : خرج ليقترف لأهله : أي ليكتسب لهم وقارف فلان هذا الأمر : إذا واقعه وقرفه : إذا رماه بالريبة واقترف : كذب وأصله اقتطاع قطعة من الشيء
وقد أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : نزلت ﴿ وأقسموا بالله جهد أيمانهم ﴾ في قريش ﴿ وما يشعركم ﴾ يا أيها المسلمون ﴿ أنها إذا جاءت لا يؤمنون ﴾ وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال :[ كلم رسول الله صلى الله عليه و سلم قريشا فقالوا : يا محمد تخبرنا أن موسى كان معه عصى يضرب بها الحجر وأن عيسى كان يحيي الموتى وأن ثمود لهم ناقة فأتنا من الآيات حتى نصدقك فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أي شيء تحبون أن آتيكم به ؟ قالوا : تجعل لنا الصفا ذهبا قال : فإن فعلت تصدقوني ؟ قالوا : نعم والله لئن فعلت لنتبعنك أجمعون فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم يدعو فجاءه جبريل فقال له : إن شئت أصبح ذهبا فإن لم يصدقوا عند ذلك لنعذبنهم وإن شئت فاتركهم حتى يتوب تائبهم فقال : بل يتوب تائبهم فأنزل الله :﴿ وأقسموا بالله جهد أيمانهم ﴾ إلى قوله :﴿ يجهلون ﴾ ] وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ ونقلب أفئدتهم وأبصارهم ﴾ قال : لما جحد المشركون ما أنزل الله لم تثبت قلوبهم على شيء وردت عن كل أمر وأخرج ابن جرير وابن المنذر عنه ﴿ وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ﴾ قال : معاينة ﴿ ما كانوا ليؤمنوا ﴾ أي أهل الشقاء ﴿ إلا أن يشاء الله ﴾ أي أهل السعادة والذين سبق لهم في علمه أن يدخلوا في الإيمان وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة ﴿ وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ﴾ أي فعاينوا ذلك معاينة وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد قال : أفواجا قبيلا وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله :﴿ وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن ﴾ قال : إن للجن شياطين يضلونهم مثل شياطين الإنس يضلونهم فيلتقي شيطان الإنس وشيطان الجن فيقول هذا لهذا : أضلله بكذا وأضلله بكذا فهو ﴿ يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ﴾ وقال ابن عباس : الجن هم الجان وليسوا شياطين والشياطين ولد إبليس وهم لا يموتون إلا مع إبليس والجن يموتون فمنهم المؤمن ومنهم الكافر وأخرج أبو الشيخ عن ابن مسعود قال : الكهنة هم شياطين الإنس وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ يوحي بعضهم إلى بعض ﴾ قال : شياطين الجن يوحون إلى شياطين الإنس فإن الله يقول :﴿ وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ﴾ وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة في الآية قال : من الإنس شياطين ومن الجن شياطين يوحي بعضهم إلى بعض وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس زخرف القول قال : يحسن بعضهم لبعض القول ليتبعوهم في فتنتهم وقد أخرج أحمد وابن أبي حاتم والطبراني عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :[ يا أبا ذر تعوذ بالله من شر شياطين الجن والإنس قال : يا نبي الله وهل للإنس شياطين ؟ قال : نعم شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ] وأخرج أحمد وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي ذر مرفوعا نحوه وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس ﴿ ولتصغى ﴾ لتميل وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عنه ﴿ ولتصغى ﴾ تزيغ ﴿ وليقترفوا ﴾ يكتسبوا


الصفحة التالية
Icon