لما بين سبحانه كمال قدرته وبديع صنعته في الآيات السابقة ذكر هنا أقاصيص الأمم وما فيها من تحذير الكفار ووعيدهم لتنبيه هذه الأمة على الصواب وأن لا يقتدوا بمن خالف الحق من الأمم السالفة واللام جواب قسم محذوف وهو أول الرسل إلى أهل الأرض بعد آدم وقد تقدم ذكر نوح في آل عمران فأغنى عن الإعادة هنا وما قيل من أن إدريس قبل نوح فقال ابن العربي : إنه وهم قال المازري : فإن صح ما ذكره المؤرخون كان محمولا على أن إدريس كان نبيا غير مرسل وجملة ٥٩ - ﴿ فقال يا قوم اعبدوا الله ﴾ استئنافية جواب سؤال مقدر قوله :﴿ ما لكم من إله غيره ﴾ هذه الجملة في حكم العلة لقوله :﴿ اعبدوا ﴾ أي اعبدوه لأنه لم يكن لكم إله غيره حتى يستحق منكم أن يكون معبودا قرأ نافع وأبو عمرو وعاصم وحمزة وابن كثير وابن عامر برفع ﴿ غيره ﴾ على أنه نعت لإله على الموضع وقرأ الكسائي بالخفض في جميع القرآن على أنه نعت على اللفظ وأجاز الفراء والكسائي النصب على الاستثناء : يعني ما لكم من إله إلا إياه وقال أبو عمرو : ما أعرف الجر ولا النصب ويرده أن بعض بني أسد ينصبون غير في جميع الأحوال ومنه قول الشاعر :

( لم يمنع الشرب منها غير أن نطقت حمامة في غصون ذات أرقال )
وجملة ﴿ إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم ﴾ جملة متضمنة لتعليل الأمر بالعبادة : أي إن لم تعبدوه فإني أخاف عليكم عذاب يوم القيامة أو عذاب يوم الطوفان


الصفحة التالية
Icon