ثم قال :﴿ واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة ﴾ لأنهم سبب الوقوع في كثير من الذنوب فصاروا من هذه الحيثية محنة يختبر الله بها عباده وإن كانوا من حيثية أخرى زينة الحياة الدنيا كما في الآية الأخرى :﴿ وأن الله عنده أجر عظيم ﴾ فآثروا حقه على أموالكم وأولادكم ليحصل لكم ما عنده من الأجر المذكور
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة في قوله :﴿ واذكروا إذ أنتم قليل ﴾ قال : كان هذا الحي من العرب أذل الناس ذلا وأشقاه عيشا وأجوعه بطونا وأعراه جلودا وأبينه ضلالة من عاش عاش شقيا ومن مات منهم ردي في النار يؤكلون ولا يأكلون لا والله ما نعلم قبيلا من حاضري الأرض يومئذ كان أشر منزلا منهم حتى جاء الله بالإسلام فمكن به في البلاد ووسع به في الرزق وجعلهم به ملوكا على رقاب الناس وبالإسلام أعطى الله ما رأيتم فاشكروا لله نعمه فإن ربكم منعم يحب الشكر وأهل الشكر في مزيد من الله عز و جل وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله :﴿ يتخطفكم الناس ﴾ قال : في الجاهلية بمكة ﴿ فآواكم ﴾ إلى الإسلام وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن ابي حاتم وأبو الشيخ عن وهب في قوله :﴿ يتخطفكم الناس ﴾ قال : الناس إذ ذاك فارس والروم وأخرج أبو الشيخ وأبو نعيم والديلمي في مسند الفردوس عن ابن عباس [ عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في قوله :﴿ واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس ﴾ قيل : يا رسول الله ومن الناس ؟ قال : أهل فارس ] وأخرج ابن جرير وابن ابي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله :﴿ فآواكم ﴾ قال : إلى الأنصار بالمدينة ﴿ وأيدكم بنصره ﴾ قال : يوم بدر وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن جابر بن عبد الله [ أن أبا سفيان خرج من مكة فأتى جبريل النبي صلى الله عليه و سلم فقال : إن أبا سفيان بمكة كذا وكذا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن أبا سفيان في مكان كذا وكذا فأخرجوا إليه واكتموافكتب رجل من المنافقين إلى أبي سفيان إن محمدا يريدكم فخذوا حذركم فأنزل الله :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول ﴾ الآية ] وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن ابي حاتم وأبو الشيخ عن عبد الله بن أبي قتادة قال : نزلت هذه الآية ﴿ لا تخونوا الله والرسول ﴾ في أبي لبابة بن عبد المنذر سألوه يوم قريظة ما هذا الأمر ؟ فأشار إلى حلقه أنه الذبح فنزلت قال أبو لبابة : ما زالت قدماي حتى علمت أني خنت الله ورسوله وأخرج سنيد وابن جرير عن الزهري نحوه بأطول منه وأخرج عبد بن حميد عن الكلبي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعث أبا لبابة إلى قريظة وكان حليفا لهم فأومأ بيده أنه الذبح فنزلت وأخرج أبو الشيخ عن السدي في هذه الآية أنها نزلت في أبي لبابة ونسختها الآية التي في براءة ﴿ وآخرون اعترفوا بذنوبهم ﴾ وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ لا تخونوا الله ﴾ قال : بترك فرائضه ﴿ والرسول ﴾ بترك سننه وارتكاب معصيته ﴿ وتخونوا أماناتكم ﴾ يقول : لا تنقصوها والأمانة : الأعمال التي ائتمن الله عليها العباد وأخرج ابن جرير عن المغيرة بن شعبة قال : نزلت هذه الآية في قتل عثمان ولعل مراده أن من جملة ما يدخل تحت عمومها قتل عثمان وأخرج أبو الشيخ عن يزيد بن أبي حبيب في الآية قال : هو الإخلال بالسلاح في المغازي ولعل مراده أن هذا مما يندرج تحت عمومها وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن مسعود قال : ما منكم من أحد إلا وهو يشتمل على فتنة لأن الله يقول :﴿ إنما أموالكم وأولادكم فتنة ﴾ فمن استعاذ منكم فليستعذ بالله من مضلات الفتن وأخرج هؤلاء عن ابن زيد في الآية قال : فتنة الاختبار اختبرهم وقرأ ﴿ ونبلوكم بالشر والخير فتنة ﴾