لما ذكر سبحانه حكم من يأخذ المال جهارا وهو المحارب عقبه بذكر من يأخذ المال خفية وهو السارق وذكر السارقة مع السارق لزيادة البيان لأن غالب القرآن الاقتصار على الرجال في تشريع الأحكام وقد اختلف أئمة النحو في خبر السارق والسارقة هل هو مقدر أم هو فاقطعوا ؟ فذهب إلى الأول سيبويه وقال تقديره : فيما فرض عليكم أو فيما يتلى عليكم السارق والسارقة : أي حكمهما وذهب المبرد والزجاج إلى الثاني ودخول الفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط إذ المعنى : الذي سرق والتي سرقت وقرئ ٣٨ - ﴿ والسارق والسارقة ﴾ بالنصب على تقدير اقطعوا ورجح هذه القراءة سيبويه قال : الوجه في كلام العرب النصب كما تقول زيدا اضربه ولكن العامة أبت إلا الرفع يعني عامة القراء والسرقة بكسر الراء اسم الشيء المسروق والمصدر من سرق يسرق سرقا قاله الجوهري : وهو أخذ الشيء في خفية من الأعين ومنه استرق السمع وسارقه النظر قوله :﴿ فاقطعوا ﴾ القطع معناه الإبانة والإزالة وجمع الأيدي لكراهة الجمع بين تثنيتين وقد بينت السنة المطهرة أن موضع القطع الرسغ وقال قوم : يقطع من المرفق وقال الخوارج : من المنكب والسرقة لا بد أن تكون ربع دينار فصاعدا ولا بد أن تكون من حرز كما وردت بذلك الأحاديث الصحيحة وقد ذهب إلى اعتبار الربع الدينار الجمهور وذهب قوم إلى التقدير بعشرة دراهم وذهب الجمهور إلى اعتبار الحرز وقال الحسن البصري إذا جمع الثياب في البيت قطع وقد أطال الكلام في بحث السرقة أئمة الفقه وشراح الحديث بما لا يأتي التطويل به هاهنا بكثير فائدة قوله :﴿ جزاء بما كسبا ﴾ مفعول له : أي فاقطعوا للجزاء أو مصدر مؤكد لفعل محذوف : أي فجاوزهما جزاء والباء سببية وما مصدرية : أي بسبب كسبهما أو موصولة : أي جزاء بالذي كسباه من السرقة وقوله :﴿ نكالا ﴾ بدل من جزاء وقيل هو علة للجزاء : والجزاء علة للقطع يقال نكلت به : إذا فعلت به ما يجب أن ينكل به عن ذلك الفعل