قوله : ٣٩ - ﴿ فإن الله يتوب عليه ﴾ ولكن اللفظ عام فيشمل السارق وغيره من المذنبين والاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وقد استدل بهذا عطاء وجماعة على أن القطع يسقط بالتوبة وليس هذا الاستدلال بصحيح لأن هذه الجملة الشرطية لا تفيد إلا مجرد قبول التوبة وإن الله يتوب على من تاب وليس فيها ما يفيد أنه لا قطع على التائب وقد كان في زمن النبوة يأتي إلى النبي صلى الله عليه و سلم من وجب عليه حد تائبا عن الذنب الذي ارتكبه طالبا لتطهيره بالحد فيحده النبي صلى الله عليه و سلم وقد روي عن النبي صلى الله عليه و سلم [ أنه قال للسارق بعد قطعه : تب إلى الله ثم قال : تاب الله عليك ] أخرجه الدارقطني من حديث أبي هريرة وأخرج أحمد وغيره أن هذه الآية نزلت في المرأة التي كانت تسرق المتاع لما قالت للنبي صلى الله عليه و سلم بعد قطعها : هل لي من توبة وقد ورد في السنة ما يدل على أن الحدود إذا رفعت إلى الأئمة وجبت وامتنع إسقاطها
قوله : ٤٠ - ﴿ ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض ﴾ هذا الاستفهام للإنكار مع تقرير العلم وهو كالعنوان لقوله :﴿ يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء ﴾ أي من كان له ملك السموات والأرض فهو قادر على هذا التعذيب الموكول إلى المشيئة والمغفرة الموكولة إليها
وقد أخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة في قوله :﴿ جزاء بما كسبا نكالا من الله ﴾ قال : لا ترثوا لهم فيه فإنه أمر الله الذي أمر به قال : وذكر لنا أن عمر بن الخطاب كان يقول : اشتدوا على الفساق واجعلوهم يدا يدا ورجلا رجلا وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله :﴿ فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه ﴾ يقول : الحد كفارته والأحاديث في قدر نصاب السرقة وفي سائر ما يتعلق بتفاصيل هذا الحد مذكورة في كتب الحديث فلا نطيل بذلك


الصفحة التالية
Icon