قوله : ٤٦ - ﴿ وإما نرينك بعض الذي نعدهم ﴾ أصله إن نرك وما مزيدة لتأكيد معنى الشرط وزيدت نون التأكيد والمعنى إن حصلت منا الإراءة لك بعض الذي وعدناهم من إظهار دينك في حياتك بقتلهم وأسرهم وجواب الشرط محذوف والتقدير فتراه أو فذاك وجملة ﴿ أو نتوفينك ﴾ معطوفة على ما قبلها والمعنى : أو لا نرينك ذلك في حياتك بل نتوفينك قبل ذلك ﴿ فإلينا مرجعهم ﴾ فعند ذلك نعذبهم في الآخرة فنريك عذابهم فيها وجواب ﴿ أو نتوفينك ﴾ محذوف أيضا والتقدير : أو نتوفينك قبل الإراءة فنحن نريك ذلك في الآخرة وقيل : إن جواب ﴿ أو نتوفينك ﴾ هو قوله :﴿ فإلينا مرجعهم ﴾ لدلالته على ما هو المراد من إراءة النبي صلى الله عليه و سلم تعذيبهم في الآخرة وقيل : العدول إلى صيغة المستقبل في الموضعين لاستحضار الصورة والأصل أريناك أو توفيناك وفيه نظر فإن إراءته صلى الله عليه و سلم لبعض ما وعد الله المشركين من العذاب لم تكن قد وقعت كالوفاة وحاصل معنى هذه الآية : إن لم ننتقم منهم عاجلا انتقمنا منهم آجلا وقد أراه الله سبحانه قتلهم وأسرهم وذلهم وذهاب عزهم وانكسار سورة كبرهم بما أصابهم به في يوم بدر وما بعده من المواطن فلله الحمد قوله :﴿ ثم الله شهيد على ما يفعلون ﴾ جاء بثم الدالة على التبعيد مع كون الله سبحانه شهيدا على ما يفعلونه في الدارين للدلالة على أن المراد بهذه الأفعال ما يترتب عليها من الجزاء أو ما يحصل من إنطاق الجوارح بالشهادة عليهم يوم القيامة فجعل ذلك بمنزلة شهادة الله عليهم كما ذكره النيسابوري
٤٧ - ﴿ ولكل أمة ﴾ من الأمم الخالية في وقت من الأوقات ﴿ رسول ﴾ يرسله الله إليهم ويبين لهم ما شرعه الله لهم من الأحكام على حسب ما تقتضيه المصلحة ﴿ فإذا جاء رسولهم ﴾ إليهم وبلغهم ما أرسله الله به فكذبوه جميعا ﴿ قضي بينهم ﴾ أي بين الأمة ورسولها ﴿ بالقسط ﴾ أي العدل فنجا الرسول وهلك المكذبون له كما قال سبحانه :﴿ وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ﴾ ويجوز أن يراد بالضمير في بينهم الأمة على تقدير أنه كذبه بعضهم وصدقه البعض الآخر فيهلك المكذبون وينجو المصدقون ﴿ وهم لا يظلمون ﴾ في ذلك القضاء فلا يعذبون بغير ذنب ولا يؤاخذون بغير حجة ومنه قوله تعالى :﴿ وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم ﴾ وقوله :﴿ فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد ﴾ والمراد بالمبالغة في إظهار العدل والنصفة بين العباد


الصفحة التالية
Icon